الجمعة، 27 نوفمبر 2015

الفرقة الناجية



الفرقة الناجية
لقد ظهرت فرق كثيرة مُنسِبة نفسها إلى الإسلام، وهم بعيدين كل البُعد عن منهج الإسلام وتعاليمه مُخالفين لما كان عليه رسول الله صل الله علية وسلم وأصحاب الكرام. 
وقد صـدق رسـول الله صل الله علية وسلم فيمـا أخبر به من غيبيات أُوِحىَ إليه بها من الله سبحان وتعالى؛ حيث أخبر صل الله علية وسلم بافتراق هذه الأمَّة إلى فرقٍ كما افترقت قبلها اليهود والنصارى، وجميع تلك الفرق المُفترقة – إما لفساد الفطرة والمعتقد أو اتباعًا للأهواء والشهوات – باطلة عدا من انتهجت نهج رسول الله صل الله علية وسلم وأصحابه، وسارت على دربه صل الله علية وسلم.
لذلك: فإن مثل تلك الفرق الباطلة ليست بحُجّة على الإسلام؛ فالإسلام برئ من معتقداتهم الفاسدة وتأويلاتهم الباطلة وما يفترونه على الشرع من عبادات وأحكام ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، ولا عجب في ما نُحدِّث به عنهم إذا ما علمنا:
أن إحدى تلك الفرق الضّالة قد قام بتأسيسها أحد اليهود المنتسبين للإسلام، وهو عبد الله بن سبأ اليهودي، الذي قد أعلن إسلامًا نفاقًا وأبْطَن الكفر؛ حيث قام بتأسيس الشيعة – الروافض - ، إحدى تلك الفرق المارقة الضّالّة، القائمة على الاعتقاد الفاسد في الله جل وعلا والقائمة على سَبّ وقذف أزواج رسوله صل الله علية وسلم الطاهرات، والقائمة على سَبّ أصحاب رسول الله صل الله علية وسلم الكرام، والقائمة على الطعن في أمين السماء – جبريل عليه السلام – والطعن في القرآن الكريم، والتحريف في التشريعات والأحكام تبعًا للأهواء والشهوات، وادّعاء أئمة معصومين، افتراءً وكذبًا، قاتلهم الله.
ولقد أدرك علماء أهل السنة – العاملين بهدي وسنة النبي محمد صل الله علية وسلم - خطورة مثل تلك الفرق الضالة والمبتدعة، فقاموا بالتصدي لها، والرَدّ على افتراءاتها بالنقل الصحيح والعقل الصريح؛ حيث إن الشرع الصحيح لا يُعارض العقل الصريح.
ومن الجدير بالذكر: أن نوضح المقصود بالسنة، وأهل السنة حتى يتضح لنا ما سواهما من البدع والمبتدعين الضالين.
فالسُنّة: هي ما كان عليه النبي صل الله علية وسلم وأصحابه من الاعتقادات والأقوال والأعمال والأحوال.
وأهل السُنّة كمصطلح له إطلاقان: عام وخاص.
أما الإطلاق العام: فالمُراد به ما يكون في مقابل الشيعة، فتدخل بذلك جميع الطوائف المُنتسبة إلى الإسلام – عدا الشيعة – في مفهوم أهل السُنّة.
أما الإطلاق الخاص: فالمراد به ما يكون في مقابل أهل البدع والمقالات المُحْدَثة كالشيعة والخوارج والمرجئة والجهمية والمعتزلة والصوفية ونحوهم من أهل البدع، فهؤلاء لايدخلون في مفهوم أهل السُنّة.
ولقد قام علماء أهل السُنّة بالتصدي لأهل البدع، وقاموا بالرد على من تكلم في ذات الله عز وجل وفي صفاته بالباطل، فقاموا بالرد على الجهمية والمعتزلة وغيرهم، ولولا ذلك لوَجَد الإلحاد وإنكار الألوهية طريقه إلى العالم الإسلامي، كما وجده إلى العالم الغربي.
فمذهب أهل السُنّة في أسماء الله عز وجل وصفاته إلى: إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه وأثبته له رسوله صل الله علية وسلم من غير تمثيل ولا تكييف ولا تشبيه، ونفى ما نفاه عز وجل عن نفسه ونفاه عنه رسوله صل الله علية وسلم نفيًا من غير إلحاد ولا تعطيل، وفقًا لقول الله تعالى:
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11].
أما بالنسبة لمنهجهم – أهل السنة-:
فإن لأهل السُنّة منهج متميز يعتمد على كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه محمد r، وإجماع الأُمّة ويستدلون أيضًا بالعقل الصريح والفطرة السليمة.

وهم – أهل السنة – وقَّافون مع النص في الأمور التي لا مساع للاجتهاد فيها مثل مسائل الغيب، فلا يدخلون في ذلك بأهوائهم، ولا يتكلّفون العبارات المُموهّة، والتأويلات البعيدة.
فهذا المنهج السليم المُوافق للنقل الصحيح والعقل الصريح هو الذي بفضله استطاع أهل السُنة أن يقطعوا ألسنة المناوئين للإٍسلام وأهله من الكفار والملحدين، والزنادقة، والمبتدعة، ولم يتسلط أحد عليهم فيلزمهم بلوازم باطلة، أو يحشرهم في مضايق حرجة، كما حدث للمبتدعة بعضهم مع بعض، وبعضهم مع الملاحدة والكفار.
ولقد وضع أهل السنة بعض القواعد في هذا المنهج الذي قد اتخذوه، مثل:
أ – الالتزام باللغة العربية:
لأن القرآن الكريم إنما أُنزل بلغة العرب، فما ينبغي أن نُعطي لكلمة من كلماته أوتركيب من تركيباته معنى لا تعرفه العرب، وإلا كان تفسيرًا له بغير لغته، ولا ينبغي الاعتماد على الأذواق والأهواء في تفسير كلمات القرآن الكريم.
ب – تفسير القرآن بالقرآن:
القرآن الكريم إنما هو من عند الله عز وجل، فليس فيه اختلاف أو تناقض كما ذكرنا سابقًا، فما ينبغي تفسير القرآن تفسيرًا يجعله مُتناقض مع بعضه – الآيات مع بعضها -.
جـ - تفسير القرآن الكريم بالسنة النبوية:
فكل أقوال الرسول صل الله علية وسلم وأعماله هي بمثابة البيان والتوضيح للقرآن الكريم.
فإنكار السنة النبوية – كما في بعض الفرق الضالة التي تزعم أن القرآن يُغني عن السنة – هو في حقيقته إنكار للقرآن الكريم.
د – تفسير القرآن الكريم بأقوال الصحابة:
فالصحابة هم خير القرون بشهادة رسول الله صل الله علية وسلم ، والخيرية تشمل العلم، والصحابة هم الذين كان ينزل القرآن بلغتهم، وكانوا يشهدون المناسبات والأحداث التي ينزل فيها الوحي وتُقال فيها – في المناسبات والأحداث – أحاديث النبي صل الله علية وسلم.
لذلك فإن الفرقة الناجية هي: أهل السنة؛ حيث أننا نجد أن أبرز خصـائصها هي التمسّك بما كان عليه النبي محمد صل الله علية وسلم في العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات....
ونوضح أنه: إذا ادّعت أي من تلك الفرق الضالة المبتدعة – كغلاة الصوفية أو غيرها – طرقًا وأعمالًا تعبدية على غير ما كان عليه النبي محمد صل الله علية وسلم وأصحابه فهو مردود عليها، غير نافع لها ولا مقبول منها من الله عز وجل، لقول النبي صل الله علية وسلم
((من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردّ عليه)) [صحيح مسلم].
بل وكأنما يُكذِّبون – تلك الفرق الضالة المبتدعة – بالقرآن الكريم، وينسبون إليه النقص لما يفترونه من أعمال وعبادات كاذبة باطلة.
لقد قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة: 3].
فمن أين أتت الصوفية وغيرها من الفرق الضالة بمثل تلك الأفعال والعبادات المبتدعة بعد كمال دين الله عز وجل وتمام نعمته، والتي على غير ما كان عليه النبي محمد صل الله علية وسلم وأصحابه الكرام.
بل إن تلك الفرق الضالة كأنما تتهم نبيها صل الله علية وسلم بالنقص في تبليغ الشرع والرسالة، لما تدّعيه وتفتريه.
فرسول الله صل الله علية وسلم لم يترك سبيلًا للخير، سبيلًا يوصل إلى رضا الله تبارك وتعالى، إلا وقد أمرنا به وحثنا عليه، ولم يترك صل الله علية وسلم سبيلًا للشر إلا وقد نهانا عنه وحذرنا منه.
لذلك فإن السبيل الوحيد الذي يرتضيه ربنا تبارك وتعالى هو ما كان عليه النبي محمد صل الله علية وسلم وأصحابه الكرام.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق