الجمعة، 27 نوفمبر 2015

الدلائل والبراهين على ختم النبوات والرسالات بنبوة ورسالة محمد صل الله علية وسلم



الدلائل والبراهين على ختم النبوات والرسالات بنبوة ورسالة محمد صل الله علية وسلم للناس أجمعين وأنه ليس بعده صل الله علية وسلم أي نبي أو رسول آخر
لقد أرسل الله عز وجل نبيه محمد صل الله علية وسلم إلى البشرية كافة، خاتماً به جميع الرسالات، مؤيِّداً له بالمعجزات والخوارق التي تشهد بنبوته ورسالته صل الله علية وسلم من الله جل وعلا، والتي يعجز غير النبي عن الإتيان بمثلها. 
ولقد أخبر رسول الله صل الله علية وسلم بأنه خاتم الأنبياء، ومن ثم فإنه صل الله علية وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، لأنه من المعلوم أن كل رسولٍ نبيٌّ، وليس كل نبيٍّ رسولا، فقد قال الله تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ[الأحزاب: 40].وقال رسول الله صل الله علية وسلم: ((مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى داراً فأكملها وأتمّها إلا موضع لبنة فيها، فجعل الناس يطوفون بها ويعجبون منها ويقولون: هلا وضعت تلك اللبنة؟! فكنت أنا تلك اللبنة)) [صحيح الجامع الصغير]. 

ولقد أعلمنا رسول الله صل الله علية وسلم أنه بُعث إلى البشر كافة، للناس أجمعين في كل مكان وزمان إلى يوم الدين، قال الله تعالي:
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: 158].
وقال تعالي: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [سبأ: 28].
وقال رسول الله صل الله علية وسلم: ((بُعثت إلى الأحمر والأسود)) [صحيح مسلم].
أي أن رسول الله صل الله علية وسلم بُعث إلى مختلف الأجناس: أي إلى الناس أجمعين.
ولقد قاتل رسول الله صل الله علية وسلم اليهود وانتصر عليهم، وذهب أيضا صل الله علية وسلم لقتال الروم في غزوة تبوك، فرجع مُنتصراً بعد أن تفرّق الروم وجَبُنوا عن لقائه صل الله علية وسلم.وكل ذلك من أجل نشر التوحيد الحق، الذي يرتضيه الله عز وجل، من أجل إقامة دولة الإسلام.
ونودّ أن نشير إلى جانب من الدلائل والبراهين الموُجزة على ختم النبوات والرسالات بنبوة ورسالة النبي محمد صل الله علية وسلم للناس أجمعين، منها:
1- إخبار رسول الله صل الله علية وسلم بذلك، كما أوضحنا بالآيات الكريمات، والأحاديث النبوية الشريفة.وبما أنه قد ثبت لدينا نبوة رسول الله صل الله علية وسلم بما أيّده الله عز وجل من معجزات وخوارق وشواهد، وآيات ودلائل كلها تشهد بنبوته ورسالته صل الله علية وسلم ، فإنه يلزمنا التصديق بكل ما أخبر به صل الله علية وسلم ، ومن ذلك: أنه صل الله علية وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، وأنه صل الله علية وسلم مرسل إلى البشرية قاطبة، والناس أجمعين. 
2- أنه من الحكمة التامة لله عز وجل أن يجعل الرسالة الخاتمة للرسالات السابقة رسالة عالمية، للخلق أجمعين، وأن يجعل النبي الخاتم للأنبياء والمرسلين نبيًّا مرسلا إلى البشرية كافة في كل مكان وزمان، وحيث إن الرسالة الخاتمة للرسالات لا بد وأن تكون محفوظة من الله عز وجل من أن تمسها أيدي البشـر بشيء من التحريف والتضييع –لأنه ليس بعدها أية رسالة سماوية أخرى- أي أنها –الرسالة الخاتمة- صالحة لكل زمان، فإنها لا بد وأن تصلح للخلق في أي موطن، وفي كل مكان.
3- البشارات الكثيرة والكثيرة بالنبي محمد صل الله علية وسلم في التوراة والإنجيل وفي كتب الهندوس وغيرها من كتب الأولين: 
حيث تدل على أن رسالة النبي محمد صل الله علية وسلم ليست كأي رسالة أخرى، ولكنها لا بد وأن تكون رسالة عالمية –للبشر كافة- ولا بد وأن تكون رسالة خاتمة لجميع الرسالات السابقة، حيث إنها محفوظة مصونة من الله عز وجل إلى يوم الدين. 
ولذلك: كان هذا القدر الكبير من البشارات برسول الله محمد صل الله علية وسلم ، حيث إنه ليس نبي بعده، فهو صل الله علية وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين.4- رسالة النبي محمد صل الله علية وسلم وما جاء به من معتقد سليم: 
لقد أرسل الله عز وجل النبي محمد صل الله علية وسلم في وقت قد اشتدت حاجة العالم كله إلى رسالته صل الله علية وسلم ، حين ضل الناس عن السبيل الذي يصلهم بإلههم وخالقهم جل وعلا، ويصل بعضهم ببعض، حين فسد الناس وضلوا واختلفوا وتقاطعوا. 
لذلك، جاء النبي محمد صل الله علية وسلم برسالة من الله تعالى تصلح العقائد الفاسدة وتداوي النفوس وتربط الناس بعضهم ببعض، وتوجههم جميعًا في وحدة منسجمة متآلفة إلى بارئهم وخالقهم.لقد جاءت الرسالة المحمدية متضمنة العقائد الصافية التي لا يقبل الله عز وجل سواها، ولا يرتضي غيرها، والتي قد فُطِر الناس عليها وعلى قبولها من إلههم وخالقهم تبارك وتعالى. 
وجاءت الرسالة المحمدية بالعبادات الهادية والمعاملات الكريمة والتشاريع القويمة القائمة على أسس من الخير والحق والفضيلة. 
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا  * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ [الأحزاب: 45، 46]. 
وقال الله تعالى: ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [الأعراف: 157]. 
وقال الله تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ  * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 151، 152]. 
- العقيدة الصافية السليمة التي جاء بها النبي محمد صل الله علية وسلم:
لقد شاءت حكمة الله عز وجل أن تكون قضية العقيدة هي القضية التي تتصدى لها الدعوة منذ اليوم الأول للرسالة، وأن يبدأ رسول الله صل الله علية وسلم أولى خطواته في

*الدعوة، بدعوة الناس أن يشهدوا أن لا إله إلا الله –على حقيقتها- وأن يمضي في دعوته يُعرف الناس بربهم الحق ويُعبدهم له دون سواه.
ولنتأمل في العقيدة التي جاء بها النبي محمد صل الله علية وسلم ، والتي كانت سببًا في رقي أهل الإسلام الذين رضوا بالإسلام دينًا، واعتنقوه وعملوا بتعاليمه، وتمسكوا بالكتاب الذي أُنزل على رسوله:
- كان رسول الله صل الله علية وسلم يدعو إلى توحيد الألوهية والربوبية، يُعرِّف الناس بإلههم ويدعوهم إلى عبادته سبحانه وتعالى وحده، وإفراده بالعبودية جل شأنه.
- يُعرف الناس بربهم الذي خلقهم وأوجدهم من عدم، ورزقهم، وينفي وجود نِدّ أو شريك له جل وعلا.
- يدعو كل من أنكر وجوده سبحانه وتعالى إلى الإيمان بمُوجِد هذا الكون المحكم الصنع، يدعوهم إلى الإيمان بالله سبحانه وتعالى.
- يدعو إلى محاربة الأصنام، والتي كان العرب وغيرهم يعبدونها مع علمهم بأنها لا تنفع ولا تضر.
- يدعو إلى محاربة كل ما يُعبد من دون الله عز وجل، فالعرب وغيرهم يعبدون الحجارة، والفرس يعبدون النار، واليهود اتخذوا أحبارهم أربابًا من دون الله عز وجل، حيث يحلون لهم ما حرم الله، ويحرمون عليهم ما أحل الله فيتبعونهم، والنصارى يعبدون بشرًا –المسيح- مخلوقًا يأكل ويشرب وينام، إلى غير ذلك، مما يفعله البشر الذين خلقهم الله عز وجل، ومع ذلك يعبدونه وينسبون إليه الألوهية. 
- يدعو إلى عبادة الله تعالى وحده، وتنزيهه سبحانه وتعالى عن أي صفة نقص أو عيب أو ذم نُسبت إليه من البشر جرَّاء اتباعهم أهواءهم وكبرهم وشهواتهم. 
- فنلحظ أن البيئة التي أحاطت بالنبي صل الله علية وسلم
كانت تموج بافتراءات كثيرة على الخالق جل وعلا، حيث:
أ- إن العرب قد افترت على الله كذبًا باتخاذه من الملائكة إناثًا، وقالت إن الملائكة هم بنات الله، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا.
ب- وافترت اليهود على الله الكذب، فمنهم من قال عزير ابن الله، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، وقاموا –اليهود- بتحريف كتبهم وكذّبوا أنبياءهم وقتلوهم، وكذبوا عبد الله ورسوله المسيح عيسى ابن مريم، مع ما ظهر لهم من معجزة ولادته عليه السلام، وكلامه في المهد والمعجزات التي أيده الله تعالى بها بعد ذلك، وسبوه وقالوا فيه قولا قبيحًا، قاتلهم الله، ونسبوا إلى أمه السيدة مريم العذراء ما يستعف اللسان عن ذكره، فلقد نسبوا إليها الزنا، قاتلهم الله، فهي –السيدة مريم- العابدة النقية الصالحة، أيدها ربها تبارك وتعالى بمعجزة كلام ولدها المسيح عيسى ابن مريم في المهد وبمعجزاته عليه السلام بعد ذلك.
ولم يكتف اليهود بما أشرنا إليه فقط، بل إن الأنبياء والرسل الذين آمنت بهم اليهود لم يسلموا من افتراءات وقذارة وفحش ألسنتهم، فمنهم –الأنبياء- من قد نسبت إليه اليهود السُّكْر ووطئه لابنتيه، بل وولادتهما منه، ونسبت غيره إلى همّه بارتكاب الزنا والفاحشة، وغيره إلى السحر، إلى غير ذلك من افتراءاتهم وكذبهم وبهتهم.فلقد سب اليهود إلههم ونسبوا إليه الجهل وسوء الاختيار، ولم يقدروا الله عز وجل حق قدره، حيث إنه –على زعمهم- جَهِل بحال هؤلاء الذين اختارهم لتبليغ رسالته وأساء الاختيار لما قد فعلوه، وكل ذلك نقص وعيب يتنزه الخالق عنها، فتعالى الله عن مثل ذلك علوًا كبيرًا.
جـ- وافترت النصارى على الله الكذب، فقالت فرقة منهم: بأن المسيح هو الله، وأخرى قالت: بأن المسيح هو ابن لله، وأخرى قالت: بأن الله ثالث ثلاثة الأب والابن والروح القدس، كما أشرنا سابقاُ، تعالى الله على كل ذلك علوًا كبيرًا. فلقد نسبوا إلى الله سبحانه وتعالى اتخاذه الولد، وهي صفة نقص لله جلّ في علاه، فما ينبغي لله أن يتخذ ولدًا؛ لأنه تعالى إذا كان له ولد فلابد أن يكون مشابهًا له، أي لابد وأن يكون إلهًا مثله، وقد يتخذ في أي وقت شاء ولدًا آخر أو أكثر، فيكون مشابهًا له، ويكون إلهًا مثله، إلى ما لا نهاية، وهكذا بالنسبة للابن الإله أيضًا، تعالى الله عن كل ذلك الإفك علوًا كبيرًا.
فالله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء كما يعرف الناس بفطرتهم، وكما تدلهم على ذلك عقولهم، ويستحيل عقلًا أن يكون هناك إلهان مستحقّان للعبادة أو أكثر من ذلك. 
فكما أن الله عز وجل لم يُولد، فإنه جل شأنه لا يتخذ ولدًا،
 فهو القائل سبحانه وتعالى:
﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾ [مريم: 88- 94].
لذلك:
فإن الذي جاء به رسول الله صل الله علية وسلم من عقيدة وقول في المسيح ابن مريم عليه السلام، وأنه عبد الله ورسوله، اصطفاه الله عز وجل بالرسالة كما اصطفى غيره من الرسل، هو القول الوسط بدون إفراط أو تفريط: بدون غلو النصاري الذين نسبوا إلى المسيح بن مريم الألوهية أو شيئًا منها على اختلاف فرقهم التي ضَلّت وأضلت، واختلفت في عقيدتها؛ حيث كان من المفترض أن تجمعهم عقيدة واحدة، ولكن أنّى لها ذلك؟!
فالباطل كالظلمات – جمع ظلمة – صورة كثيرة، أما الحق فهو واحد فقط كالنور الذي يطرد الظلام، لا يختلف فيه لبيبان، ذوا عقل راجح رشيد وفطرة سليمة سوية.
وبدون جحود اليهود الذين جحدوا رسالة المسيح عيسى ابن مريم كليةٍ وكذبوه وحاولوا صلبه وقتله، وحاولوا أن ينالوا من شرف أمه السيدة مريم العذراء، كما لوّثوا سيرة كل نبي أُرسل إليهم، إلى غير ذلك .... ، قاتلهم الله
 وبوجه عام:
فإن العقيدة التي جاء بها خاتم الأنبياء والرسل محمد صل الله علية وسلم هي العقيدة التي مَحَى الله عز وجل بها الظلمة، هي العقيدة الصافية التي ليس بها ما هو إعنات للفكر ولا قهر للذهن ولا إرهاق للتصوّر كما هو الحال في غيرها من عقائد فاسدة.
لذلك فإن الرسالة المحمدية هي الرسالة الخاتمة لجميع الرسالات السابقة، للناس كافّة في كل مكان وزمان، وليس بعد رسول الله محمد صل الله علية وسلم أي نبي أو رسول آخر. 5– [القرآن الكريم]: المعجزة الكبرى للنبي محمد صل الله علية وسلم ، الباقية الخالدة:
قال رسول الله صل الله علية وسلم: "ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليّ، فأرجوا أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة" [صحيح البخاري].
لقد أوضحنا فيما سبق بالأدلة القاطعة: أن القرآن الكريم الذي أُنزل على النبي محمد صل الله علية وسلم هو الكتاب الوحيد الذي ظل محتفظًا بإطاره الربّاني الصالح لهداية الناس أجمعين، فلم يعتريه ما قد اعترى غيره من الكتب السابقة من التحريف والتبديل والتغيير والتضييع مما تناولته أيدى البشر. وأوضحنا أيضًا في السابق: أنه بالإضافة إلى تَضَمّن القرآن الكريم لجانب الإعجاز البلاغي والبياني الذي تحدّى به العرب، وهم أهل اللّسْن والفصاحة والبلاغة، فإنه – القرآن الكريم – مُتضمنًا لجانب آخر من الإعجاز، وهو الإعجاز العلمي في شتى مجالات العلوم، والذي كان سببًا في إسلام العلماء الغربيين وغيرهم من الأطباء الفليبيين وغيرهم. والذي نودّ أن نلقي عليه الضوء في هذه النقطة: 
أن القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى الباقية بين أيدينا الآن والمحفوظة إلى أن تنتهي الحياة الدنيا، إلى أن تقوم الساعة.  
وبذلك: فإن القرآن الكريم شاهدٌ للنبي محمد صل الله علية وسلم أنه خاتم الأنبياء والمرسلين.
فالقرآن الكريم هو المعجزة الكبرى الباقية 
المُتضمنة لتنزيه الإله الخالق جل وعلا تنـزيهًا وتعظيمًا لا يُدانيه تنزيه أو تعظيم للذات الإلهية، وللصفات والأسماء والأفعال الخاصّة به جل وعلا. وهو – القرآن الكريم – المعجزة الكبرى الباقية المتضمنّة لوصف أنبياء الله ورسله – على تفاوت بينهم – بأعلى ما يمكن أن يتصف به البشر المُكرمون من صفات حسنة وأخلاق حميدة. وهو – القرآن الكريم – المعجزة الباقية المتضمنّة للعبادات الهادية والمعاملات الكريمة والتشاريع القويمة القائمة على أسس الخير والحق والفضيلة. ومن ثمّ فقد حُفظت السنة النبوية المُطهرة للنبي محمد صل الله علية وسلم ، الضرورية لفهم الكتاب – القرآن الكريم – الذي أنزل عليه صل الله علية وسلم ، ويشهد بذلك:
إنشاء علم الحديث، حيث يتم التحقق من عدالة رواة أحاديث رسول الله صل الله علية وسلم من صدق، وأمانة، وحِفَاظ على أداء الشعائر الإسلامية، وعدم ارتكاب للمُحرَّم... إلى غير ذلك، أي – غير مُهتم في دينه - ، ويتم التحقيق أيضًا من جودة الذاكرة والقدرة على الضبط، واشتراط أن من يروي عن شخص ما أن تثبت معاصرته له، بل وقد اشترط بعضهم – كالإمام البخاري – أن يكون قد التقى به فعلًا، وهذا ما قادهم لتأسيس علمٍ كاملٍ يُسمّى (بعلم الرجال)، حيث يدرسون فيه حال كل راوية من الرواة على مرّ العصور، تاريخ ميلاده، ووفاته، وشيُوخه الذين تلقى منهم العلم، وخُلُقه، ودينه ... وهكذا.
وهذا العلم لم يُعرف قط سوى في أمة خاتم الأنبياء والمرسلين، المبعوث إلى الناس أجمعين: محمد صل الله علية وسلم.
لذلك: فإنه لا حاجة لإنزال كتاب سماوي آخر جديد على نبي مُرسل أخر بعد النبي محمد صل الله علية وسلم ؛ فالمعجزات الأخرى السابقة للأنبياء والرسل السابقين – قبل بعثة النبي محمد صل الله علية وسلم - قد انتهى تأثيرها وقوة إقناعها بعد موت أو رفع الرسول، على عكس ما هو الحال بالنسبة للمعجزة (القرآن الكريم) الباقية، المحتفظة بكل وسائل تأثيرها وإقناعها حتى بعد وفاة النبي محمد صل الله علية وسلم.
فلئن سُئل اليهود والنصـارى الآن عن رؤيتهم لمعجزات أنبيائهم، ليقولن: 
 لم نرها، ولئن سُئِلوا عن علمهم بها، ليقولن: أن آبائهم وأجدادهم وغيرهم قد أخبروا بذلك.
ولكن إذا ما سُئِل المسلمون عن رؤيتهم لمعجزات نبيهم محمد صل الله علية وسلم ، الشاهدة بصدق رسالته ودعوته، ليقولن: أن المعجزة الكبرى للنبي محمد صل الله علية وسلم والتي تشهد بصدق رسالته ودعوته هي بين أيدينا، نراها ونتدراسها، بالإضافة إلى المعجزات والخوارق الأخرى التي نُقلت من الثقات بالتواتر إلينا.
بل وإن كونها – المعجزة الكبرى – محفوظة من الله تبارك وتعالى لدَلاَلَة قاطعة، مرئية وعقلية على: أنه ليس بعد القرآن الكريم الذي أنزل على النبي محمد صل الله علية وسلم أي كتاب سماوي آخر جديد، وليس بعد النبي محمد صل الله علية وسلم أي نبي أو رسول آخر جديد.  ومما يُدَلِّل مرئيًا وعقليًا على أن القرآن الكريم – المعجزة الكبرى – سيظل باقيًا محفوظًا من الله تبارك وتعالى، ومن ثم عدم الحاجة إلى كتاب سماوي جديد. 
ما نشاهده الآن من تقدم في وسائل الكتابة والطباعة من آلات حديثة، وإنشاء هيئات وإدارات ومُجمعَّات مُتخصصة في طباعة القرآن الكريم – المعجزة الكبرى – والإشراف عليه، وحفظه من أن تحاول أيدي بشرية خبيثة من أن تمسّه. لذلك: فقد خُتمت جميع النبوات والرسالات بنبوة ورسالة النبي محمد صل الله علية وسلم إلى الناس أجمعين.
  6– تطهير بيت الله العتيق (الكعبة المشرفة) من دنس الشرك والأوثان: 
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 96].
﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحج: 26].
إن أول بيت وضعه الله عز وجل في الأرض هو الذي بمكة، ليتعبد الناس له جل وعلا عبادة صافية، لا إشراك فيها، وقد كان العرب يحجّون إلى هذا البيت في كل عام. 
فالبيت العتيق (الكعبة المشرفة) ذات أهمية عظيمة عند الله عز وجل، وحُرْمته حُرمْة شديدة؛ حيث إنه أول بيت وُضَع للناس في الأرض لعبادة الله سبحانه وتعالى. ولكن بمرور الوقت والزمن، زين الشيطان للعرب عبادة غير الله تعالى من أصنام وأحجار، وظل الأمر على ذلك الحال قرون طويلة. ولكن كان مما قد اقتضته حكمة الله سبحانه وتعالى أن يأتي زمان يتطهّر فيه بيته الحرام – الكعبة المشرفة – من تلك الأوثان والأصنام التي كان العرب يعبدونها، فهو أول بيت وُضِع لعبادته جل وعلا في الأرض. إلى أن جاء خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صل الله علية وسلم بالرسالة الخاتمة مُنفِّذًا لما أراده الله عز وجل، ولما اقتضته حكمته جل وعلا من تطهير بيته الحرام من الشرك والأوثان، وتصحيح تلك العقيدة الفاسدة. لذلك كان من حكمة الله عز وجل أن يبعث محمدًا صل الله علية وسلم رسولًا خاتمًا، تُختم به الرسالات السماوية، مُرسلًا إلى الناس أجمعين؛ حيث يتلوا عليهم آيات ربهم ويزكيهم ويطهرهم من الشرك والفجور، ويعلمهم كتاب ربهم، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويُحلّ لهم الطيبات ويُحرّم عليهم الخبائث. وبالفعل: فقد مَنَّ الله عز وجل على رسوله محمد صل الله علية وسلم بفتح مكة في العام الثامن من الهجرة، فدخل المسجد الحرام، وأقبل صل الله علية وسلم إلى الحجر الأسود فاستلمه ثم طاف بالبيت العتيق وفي يده قوس، وحول البيت وعليه آنذاك 360 صنمًا، فجعل يطعنها رسول الله صل الله علية وسلم بالقوس، ويقول قول الله عز وجل:
﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء: 81].
﴿قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ﴾ [سبأ: 49].
وها هو بيت الله العتيق – أول بيت لله تعالى في الأرض – أمام أعيننا طاهر من الأصنام والأوثان، خالصًا لعبادة الله تعالى وحده، يتعبد الناس لإلههم وخالقهم عبادةً صافية لا إشراك فيها، عبادةً ذات معتقد سليم، عبادةً لا تحتاج إلى تصحيح أو تقويم من نبي أو رسول جديد.
لذلك فإن النبي محمد صل الله علية وسلم هو الرسول الخاتم للأنبياء والمرسلين والذي أرسله ربنا تبارك وتعالى مُطهرًا لبيته العتيق من دنس الشرك والأوثان، وإلى الناس أجمعين. وقد اكتشف حديثًا: أن مكة المكرمة تتوسط يابسة الكرة الأرضية، بمعنى: أننا إذا رسمنا دائرة مركزها مكة المكرمة، فإن هذه الدائرة تحيط باليابسة كاملة. وأيضًا: فإن خط طول مكة المُكرمة يتوسط الزمن تمامًا، فيكون ما حول مكة المكرمة هو العالم كله في كل مكان وزمان. وقد أشرنا في السابق إلى ما قد تم اكتشافه علميًا: من توافق عبادة الطواف للمسلمين حول الكعبة مع النظام الكوني وانسجامها معه، مما يُدَلَّل على أن الإله
الخالق لهذا الكون هو سبحانه وتعالى الذي أنزل رسالته الخاتمة على النبي محمد صل الله علية وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين.
فكان من مُقتضى حكمة الله سبحانه وتعالى أن تكون مكة المُكرمة مهدًا للرسالة العالمية والخاتمة.
7 – أن من خصائص أمّة النبي محمد صل الله علية وسلم أنها أمَّة مُبلّغة داعية:
قال الله تعالى:
﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104].
﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾[ آل عمران:110].
قال رسول الله صل الله علية وسلم: ((من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) [رواه مسلم]. 
قال رسول الله صل الله علية وسلم: ((بلغوا عني ولو آية ...)) [رواه البخاري].
قال رسول الله صل الله علية وسلم : ((نضَّر الله امرأ سمع منا شيئًا فبلغه كما سمعه، فرُبّ مُبلّغ أوعى من سامع)) [رواه الترمذي وقال حديث صحيح].
فمن خصائص أمة النبي محمد صل الله علية وسلم :
أنها تبلغ كلام ربها وكلام رسولها إلى غيرها، وإلى من بعدها وتدعوا إليه.
-     تدعو إلى الخير، تدعوا إلى دين الله عز وجل – الإسلام – أصوله وفروعه وشرائعه.
-     تأمر بالمعروف، حيث تأمر بكل ما عُرِف حُسْنه شرعَا وعقلا.
-     تنهى عن المنكر؛ حيث تنهى عن ما عُرِف قبحه شرعًا وعقلا.
-     فهي أمّة داعية إلى الإيمان بالله عز وجل وإلى التمسك بكل ما جاء به النبي محمد صل الله علية وسلم من معتقد سليم وشرع قويم وعبادات هادية ومعاملات كريمة ...
لذلك: فإن دُعَاة أمّة النبي محمد صل الله علية وسلم هم خير الناس للناس نُصحًا ومحبّة للخير ودعوة وتعليمًا وإرشادًا وأمرًا بالمعروف ونهيًا عن المُنكر. 
فقد جعلهم الله عز وجل من أسبابه في حفظ هذا الدين العظيم، الإسلام. ومثال ذلك: أصحاب رسول الله صل الله علية وسلم ومن بعدهم التابعين ... ؛ حيث قاموا بالدعوة إلى ما دعا إليه رسول الله صل الله علية وسلم ، مُقتدين به، مُقتفين أَثَره، ونشروا الإسلام شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا؟ ومثال ذلك أيضًا: ما نجده اليوم من سَفَر الجماعات والجماعات الكثيرة من علماء ودعاة المسلمين من أجل الدعوة فقط إلى دين الله عز وجل – الإسلام – في مختلف البلاد، وفي شتى أقطار الأرض.ومثال ذلك أيضًا: ما قام المسلمون به من إنشاء قنوات فضائية إسلامية متخصصة في الدعوة إلى الله عز وجل وإلى دينه الحق – الإسلام – وتبليغ الرسالة الخاتمة لنبيه محمد صل الله علية وسلم باللغة العربية وغيرها من اللغات الأجنبية إلى جميع أنحاء العالم، وذلك بعد التقدم الهائل في وسائل الاتصالات السمعية والمرئية.ومثال ذلك أيضًا: المواقع الإسلامية الحقيقية الصادقة - غير المُصطنعة من الأعداء الحاقدين على الإسلام وأهله – على شبكات الإنترنت، وتخصصها في مجال الدعوة إلى الله عز وجل وإلى دينه الحق – الإسلام – بمختلف اللغات، العربية وغيرها. لذلك: فإنه لا حاجة إلى إرسال نبي أو رسول بعد النبي محمد صل الله علية وسلم مع وجود خاصية التبليغ والدعوة بأُمته صل الله علية وسلم إلى مُختلف الأجناس، وفي شتى أقطار الأرض، ومما يؤكد ما ذكرنا في النقاط السابقة:  أنه بالفعل لم يأت أي من الأنبياء أو الرسل منذ بعثة النبي محمد صل الله علية وسلم ورسالته.
*وإن ما أعلنه بعض المفترين الكاذبين من ادّعاء للنبوة زورًا قد باء بالخيبة والفشل، والهزيمة الساحقة العاجلة، لمثل تلك الدعوة المُفتراه ولمُدَّعيها، ومثال ذلك:
مسيلمة الكذاب، الذي كان قد ادّعى النبوة بعد بعثة النبي محمد صل الله علية وسلم وانتصار دعوته.
فكان مصير ذلك الكذاب – مُسيلمة – الخزي والعار في الدنيا قبل الآخرة، فقد اقترن اسمه بصفة الكذاب، فما نذكر اسمه – مُسيلمة – إلا ونلحق به صـفته - الكذّاب –، وكان ذلك دليلا وشاهدًا على نبوة النبي محمد صل الله علية وسلم ، وصدق رسالته ودعوته، حيث إخباره صل الله علية وسلم بأنه لا نبي بعده، وكان صدق ما أخبر به، فكان ذلك معجزة له صل الله علية وسلم حيث إخباره بأمر غيـبـي، بوحي من الله سبحانه وتعالى.
- وعلى عكس الدعوة المفتراة من مسيلمة الكذاب، نجد الدعوة الصادقة للنبي محمد صل الله علية وسلم:
نجدها قد ظهرت، ونصرها الله عز وجل، بل ولا يكاد يُذكر اسم النبي محمد صل الله علية وسلم إلا ويُلحق به الصلاة والسلام عليه من الذاكر لاسمه صل الله علية وسلم ومن السامع، فيُقال: صل الله علية وسلم.ولِمَا ذكرنا: فإنه لا يستطيع أي مُفترٍَ كاذب، مُدعٍّ للنبوة أن يقوم بتأدية مهام النبي المُرسل من الإله الخالق جل وعلا؛ حيث إنه سرعان ما يسقط في ما يتعرض له من فتن، ويفشل فيما يقابله ويواجهه من امتحانات واختبارات، ولا تستطيع دعواه الكاذبة الباطلة أن تؤتي بأي ثمرة نافعة، لكذبه على الله تعالى في ادّعائه للنبوة، واصطناعه لها – فهي نبوة غير حقيقية – ومن ثمَّ فقدها للتأييد من الله عز وجل لها. 
 لذلك: فإنه لا يستيطع أن يقوم بتأدية مهام النبوة إلا نبي مُرسل من الإله الخالق جل وعلا، صادق في دعوته ورسالته، مؤيدًا من الله تبارك وتعالى. 
وكما سبق فقد أشرنا إلى إمكانية تطبيق الامتحان الحاسم والذي مُحصِّلته: أن مُحمدًا صل الله علية وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن رسالته إلى الناس أجمعين.
ولما ذكرنا من جانبٍ من الأدلة والبراهين نوضح ونؤكّد:
أن محمدًا صل الله علية وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، المبعوث إلى الناس أجمعين، وليس بعده صل الله علية وسلم نبي أو رسول آخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق