الاثنين، 30 نوفمبر 2015

إبطال صلب المسيح عقلاً


إبطال صلب المسيح عقلاً


شيء عَجيب أن يَرتبِط موضوع الصَّلب بتحقيق صفتَي العدل والرحمة لله - عز وجل - فبمقتضى صفة العدل، كان على الله أن يُعاقِب ذرية آدم بسبب الخطيئة التي ارتكبها أبوهم، وطُرد بها من الجنة، واستحقَّ هو وذريته البُعد عن الله، وبمُقتضى صفة الرحمة كان على الله أن يغفر سيئات البشر، ولم يكن هناك طريق للجمع بين العدل والرحمة إلا بتوسُّط ابنِ الله الوحيد الذي هو إله مثله، وقبوله أن يظهَر في شكلِ إنسان، وأن يَعيش كما يعيش الإنسان، ثم يُصلَب ظلمًا ليُكفِّر عن خطيئة البشر، ومِن أين وجبَت المثلية لعيسى أو كيف كانت بنوته؟

لستُ أدري ما الذي حَدا بالمسيحيِّين أن يُصوِّروا نبيَّهم أو إلههم هذا التصوير البشع، سيما والأناجيل قد ذكَرت صورة مُزريَة لطريقة القبض على المسيح وصَلبِه.

فأيُّ عدل وأي رحمة في تعذيب غير مُذنِب وصلبه؟ قد يقولون: إنه هو الذي قَبِل ذلك، ونقول لهم: "إن مَن يَقطَع يده أو يُعذِّب بدنه أو يَنتحِر، مذنب ولو كان يريد ذلك.

إذا كان المسيح ابن الله فأين كانت عاطفة الأُبوَّة؟ وأين كانت الرحمة حينما كان الابن الوحيد يُلاقي دون ذنب ألوان التعذيب والسخرية، ثم الصلب مع دقِّ المسامير في يدَيه؟

ما هي صورة المسيحيِّين عن الله - جل في علاه - الذي لا يَرضى إلا بأن ينزِل العذاب المهين بالأبرياء، والعهد في الله الذي يُسمُّونه الأب، ويطلقون عليه "الله رحمة" أو "الله محبة" أن يكون واسع المغفرة كثير الرحمات؟

مَن هذا الذي قيَّد الله - جلَّ جلاله - وجعل عليه أن يلزَم العدل، وأن يلزم الرحمة، وأن يبحث عن طريق للتوفيق بينهما؟

ويدَّعي المسيحيون أن ذرية آدم لزمهم العقاب بسبب خطيئة أبيهم، ففي أي شرع يلزم الأحفاد بأخطاء الأجداد، وبخاصة أن الكتاب المقدس ينصُّ على أنه لا يُقتَل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يُقتَل"؛ سفر التثنية، (24: 16).

وإذا كان صلب المسيح عملاً تمثيليًّا على هذا الوضع، فلماذا يَكره المسيحيُّون اليهود ويَرونهم آثمين مُعتدين على السيد المسيح؟ وهم الذين حقَّقوا مُراد الله لتحقيق عدله ورحمته؟!

وهل كان نزول ابن الله وصلبه للتكفير عن خطيئة البشر ضروريًّا أو كانت هناك وسائل أخرى من الممكن أن يَغفِر الله بها خطيئة البشر؟

وما العمل في خطايا المستقبل؟

وأين قرار الله مِن عَهدِ آدم إلى عهد عيسى؟

وما التناسُب بين خطيئة آدم وصلبِ المسيح، إذا كانت العقوبة لا بدَّ وأن تُناسِب الذنب؟

وماذا عن الطوفان الذي ابتلع العصاة أيام نوح - عليه السلام - ألا يَكفي ذلك؟

وإذا كان ذلك كذلك فما الذي صلب في المسيح، الناسوت أم اللاهوت؟! أم أنه في الأخير انتقم مِن إنسان؟ أي مِن الجزء الناسوتي في عيسى، وليس اللاهوتي، فلماذا لم يكن آدم إذًا؟!

وإذا كان عيسى وُلد بدون أب ليكون مُطهَّرًا مِن خطيئة أبيه "آدم"، فهل لم يأخذ نصيبًا من الخطيئة عن طريق أمِّه مريم؟

ولماذا لم يَنزل ابن الله مباشرة في مظهر إنسان دون أن يمرَّ بدخول الرحم والولادة؟

وهل كان الأنبياء جميعًا قبل عيسى مُدنسين خُطاةً بسبب خطيئة أبيهم آدم؟

وهل كان الله غاضبًا أيضًا؟ وكيف اختارهم مع ذلك لهداية البشر؟ "المسيحية"؛ د: أحمد شلبي، (ص: 139 – 143)، بتصرف.

ولما كان الله على خشبة الصليب، فمَن الذي أمسك بالسموات والأرض؟

وكيف أوجب اللعنة لنفسه، وفي التوراة: "ملعون ملعونٌ مَن تعلَّق بالصليب

لماذا قتل الإله الأب الإله الابن؟ عجبًا له: إنه المُنتقِم والمُنتقَم منه، والحاقد والمَحقود عليه، وإنه الظالم وهو المظلوم!

مَن القاتل ومَن القتيل؟ أم أن الأمر كما قال أحد المُفكِّرين الفرنجة: خلاصة المسيحية "أن الله قتل الله لإرضاء الله!! "قذائف الحق"؛ للشيخ الغزالي، (ص: 39 - 45)، بتصرف، "وبين الإسلام والمسيحية"، (ص: 210 - 216)، بتصرف، و"التعصب الصليبي"؛ د: عمر عبدالعزيز، (ص: 91 - 97)، بتصرف.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق