الاثنين، 30 نوفمبر 2015

الرد على شبهة بولس صار لعنة لأجلنا

الرد على شبهة بولس صار لعنة لأجلنا


إنها صدمة كبيرة ولا شك، ولكن هكذا كان فكر بولس الذي سطره في رسائله؛ إذ يقول في فلسفته لفكرة صلب المسيح كفارة عن خطايا البشر:
المسيح افتدانا من لعنة الناموس؛ إذ صار لعنة لأجلنا؛ لأنه مكتوب: ملعون كل من علق على خشبة - غلاطية 3: 13".

والمكتوب الذي يشير إليه بولس، هو ما جاء في توراة موسى خاصًّا بالموتى الذين يصلبون على خشبة: إذا كان على إنسان خطية حقها الموت، فقتل وعلقته على خشبة، فلا تبت جثته على الخشبة، بل تدفنه في ذلك اليوم؛ لأن المعلق ملعون من الله، فلا تنجس أرضك التي يعطيك الرب إلهك - تثنية 21: 22 - 23".

لقد كان الصليب وسيلة إعدام منذ آلاف السنين؛ فقد استخدمه الفراعنة والرومان وغيرهم، وكم حدثت من ثورات على قوى البغي الحاكمة، وقهر الثائرون وماتوا بطرق وحشية وعلقت جثثهم على الخشب أيامًا ولياليَ، فهل كان هؤلاء الثائرون على مظالم قوى البغي ملعونين من الله، لمجرد كونهم قد علقوا على أخشاب؟!

إن بعض العلماء يرى أن بولس قد أخطأ في فهم فقرة التثنية هذه الخاصة بلعن المعلقين على الخشبة، وأن فلسفتها على هذا النحو تعتبر شيئًا غريبًا على الفكر اليهودي، يقول هيام ما كوبي: إن الفكرة التي تقول بأن كل من علق على خشبة يكون ملعونًا، إنما هي فكرة غريبة على فكر اليهود الفريسيين، وأن معلميهم لم يفسروا فقرة التثنية (21:23) بهذا المفهوم، وحتى لو كان الشخص المعلق مذنبًا بجريمة عقوبتها الموت، ما كان يعتبر تحت لعنة، بل على العكس من ذلك؛ إذ إنه قد كفر عن جريمته بتعرضه للإعدام، ولقد كان الأحبار يفسرون فقرة التثنية (21: 23) هكذا: يعلق جسد مَن نُفذ فيه حكم الإعدام على قائم لفترة قصيرة، ولكن لا بد من إنزاله من على ذلك القائم فلا يبيت عليه ليلاً؛ لأنه لو بقيت جثته معلقة ليلاً، فإن هذا يجلب لعنة من الله.

وبعبارة أخرى: فإن اللعنة لا تحل بمن نفذ فيه حكم الإعدام، بل بأولئك المسؤولين عن تعريض ذلك الجسد إلى الإهانة، وفي تفسير آخر: يعتبر تجديفًا على الله أن يسمح بتعليق جسد مَن نُفذ فيه حكم الإعدام؛ لأن جسد الإنسان خلق على صورة الله،[1] كما تقول التوراة في - سفر التكوين 1: 27".

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يذهب فيها بولس بعيدًا عن المضمون الحقيقي لفقرات يقتبسها من أسفار العهد القديم ويفلسفها وفق هواه؛ فلقد سطر في رسائله: لأنه مكتوب: سأبيد حكمة الحكماء، وأرفض فهم الفهماء - (1) كورنثوس 1: 19".

إن بولس يشير هنا إلى ما جاء في - سفر أشعياء 29: 13 - 14 الذي يقول: "قال السيد: لأن هذا الشعب قد اقترب إليَّ بفمه، وأكرمني بشفتيه، وأما قلبه فأبعد عني، وصارت مخافتهم مني وصية الله معلمة؛ لذلك هأنذا أعود أصنع بهذا الشعب عجبًا وعجيبًا، فتبيد حكمة حكمائه، ويختفي فهم فهمائه".

من الواضح أن هذا لم يكن حكمًا عامًّا يقضي "بإبادة حكمة الحكماء ورفض فهم الفهماء" - كل حكماء وكل فهماء الجنس البشري - كما فهم بولس خطأ، إنما كان ذلك عقابًا مؤقتًا نزل بالشعب الإسرائيلي خلال فترة معينة من تاريخه؛ فلقد ظهر أشعياء في منتصف القرن الثامن قبل الميلاد، وهو القرن الذي شهد القضاء التام على مملكة إسرائيل على يد الأشوريين عام 722 ق. م، وضاع هذا الشعب الإسرائيلي بحكامه وحكمائه، وفهمائه وجهاله، وكان ما قاله أشعياء متعلقًا بضلال بني إسرائيل وضياعهم.

إن لعنة المسيح التي اخترعها بولس يترتب على التصديق بها نتائج خطيرة، لا يحتاج تقريرها إلى مجهود فكري، أو معالجة لغوية عميقة؛ فالقول بأن كل من علق على خشبة ملعون، يعني أن كل مصلوب ملعون، ولقد قال بولس: إن المسيح صار لعنة؛ لأنه علق على خشبة الصليب؛ أي: إن المسيح ملعون!

فهل يقبل أي مسيحي - تحت أي ظرف من الظروف - هذا القول وما يترتب عليه؟!
إن بولس يقول: "مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ - غلاطية 2: 20".

ويقول: "يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي، وأنا للعالم - غلاطية 6: 14".

والتفسير الشائع لمثل هذه الأقوال: أن المسيحيين يصلبون مع المسيح - تبعًا لقدوتهم بولس - فيحيون الحياة الحقة، وحيثما يوجد مصلوبون يوجد ملعونون! ومن له أذنان للسمع فليسمع، لعله يفهم!

أما بعد:
فلقد بيَّن المسيح مستقر الملعونين يوم الدنيوية - وهو معلوم بالضرورة عند كل المؤمنين بالله - حين يقال لهم: "اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المُعدَّة لإبليس وملائكته" - متى 25: 41".
فيومئذ يؤذِّن: ﴿ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 44].

هل قال بولس: "كل الكتاب موحًى به من الله"؟!
تقول ترجمة الكتاب المقدس للبروتستانت: "كل الكتاب هو موحًى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر" - (2) تيموثاوس 3: 16".

وهو ما تقوله بقية التراجم العربية الأخرى، وكذلك ترجمة لوي سيجو الفرنسية.

أما ترجمة الملك جيمس الإنجليزية[2]، فيلاحظ أنه قد أضيف إلى المتن فعل الكينونة بحروف مائلة [تحته خط في الحاشية]، فغير المعنى تمامًا؛ حيث جعل هذه الترجمة تتفق مع الترجمات سالفة الذكر.

هذا، وتتفق الترجمة القياسية المراجعة في المتن مع التراجم العربية، إلا أنها تشير إلى أنه هناك ترجمة أخرى لهذه الفقرة تقول [3]: "كل كتاب موحى به من الله هو أيضًا نافع للتعليم والتوبيخ.

وهو ما تقوله ترجمة "إنجليزية اليوم" وحاشيتها [4].
وهو ما تقوله أيضًا الترجمة الفرنسية المسكونية في حاشيتها [5].

نحن الآن أمام ترجمتين:
الأولى - تقليدية متعارف عليها تقول: "كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم...".
وأما الثانية - فقد بدأت تظهر في حواشي التراجم الحديثة وتقول: "كل كتاب موحى به من الله هو أيضًا نافع للتعليم...".

إن الفرق بين المعنيين كبير، ولا يمكن أن تكون إحداهما مرادفة للأخرى؛ ذلك أن القول بأن: "كل كتاب موحى به من الله، نافع للتعليم" هو حقيقة أولية يسلم بها كل المؤمنين، ولا تحتاج إلى برهان.

أما القول الثاني بأن: "كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم" فهنا وقفة لا بد منها، تبدأ بالتساؤل عن أي كتاب يتحدث بولس؟
فمن المعلوم أن رسائل بولس كانت هي أول كتابات قبلت فيما بعد في العهد الجديد، وأن كتاباته سبقت كتابة أقدم الأناجيل (إنجيل مرقس) بأكثر من 15 عامًا، وأن رسائله لم تلقَ قَبولاً شعبيًّا قبل نهاية القرن الأول الميلادي، أما الأناجيل الأربعة فقد تأخر قبول سلطتها إلى ما بعد عام 170 ميلادية.

وأخيرًا - وهو الأهم - نجد أن هذا العدد الذي يتحدث فيه بولس عن "الكتاب الموحى به من الله: قد سبقه العددان - 14، 15".
وهما يقولان: "أما أنت فاثبُت على ما تعلمت وأيقنت عارفًا ممن تعلمت.

وأنك من الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع - (2) تيموثاوس 3: 14 - 15".

من كل ما سبق يتبيَّن أن "الكتاب الموحى به من الله"، والذي تحدث عنه بولس إنما هو أسفار العهد القديم، الذي كان اسمه آنذاك: "ناموس موسى والأنبياء والمزامير - لوقا 24: 44"، أو يقال لها باختصار: "الكتب - لوقا 24: 45".

وهي أشياء يمكن أن يكون تيموثاوس قد تعلمها منذ طفولته، حيث يقول العهد الجديد للكاثوليك في تقديمه لرسالة بولس إلى تيموثاوس: "كانت أمه أونيقة وجدته لأمه لؤيس يهوديتين... وكانت أمه وجدته من أهل التقى، فعلمتاه الأسفار المقدسة منذ نعومة أظفاره".

والآن بعد أن أجبنا على التساؤل الخاص بالكتاب الذي تحدث عنه بولس باعتباره وحيًا من الله، وأن المقصود هو أسفار العهد القديم، ننتقل الآن إلى السؤال الثاني والبدهي، وهو: هل كل أسفار العهد القديم موحى بها من الله؟!
إن الإجابة هنا يسيرة وحاضرة، يترجمها واقع نظرة العالم المسيحي إلى هذه الأسفار، فدون التعرض لما بها من أخطاء علمية وتاريخيه وعقائدية وتحريف لنصوص - وكل هذه أصبحت حقائق مسلمًا بها من قِبل السلطات الدينية وعلماء المسيحية - فيكفي الإشارة إلى أن الأسفار السبعة التي تقبلها الكنيسة الكاثوليكية تحت اسم: "الأسفار القانونية الثانية، يرفضها البروتستانت وغيرهم باعتبارها ليست من وحي الله...

إذًا العالم المسيحي يسلم بأن "كل الكتاب" الذي تحدث عنه بولس بأنه "موحى به من الله" هو في معتقد الكثير من المسيحيين "غير موحى به من الله".

ولما كانت اللغة الإغريقية التي نقلت عنها سائر الترجمات الأخرى تسمح بأن تكون ترجمة تلك الفقرة هي: "كل كتاب موحى به من الله هو أيضًا صالح للتعليم" صار من المؤكد أن هذه هي الترجمة الوحيدة الصادقة؛ لأنها تتفق واللغة، وتتفق وحقائق الأمور.

شتان بين أن يقال: "كل الكتاب هو موحى به من الله..." في صورة تعميم خاطئ يختلط فيه الحابل بالنابل، وبين أن يقال: "كل كتاب موحى به من الله، هو صالح للتعليم"، فهذا القول الأخير إنما هو حقيقة بدهية لا تحتاج إلى بحوثٍ لغوية أو علمية لإثبات صحتها.

القول الحق إذًا هو: "كل كتاب موحًى به من الله، هو نافع للتعليم والتوبيخ والتقويم والتأديب في البر".

هذا، ومن الجدير بالذكر أن أيًّا من كتبة الأناجيل الأربعة لم يقل أبدًا: إن ما يكتبه قد جاء وحيًا من الله؛ وذلك خلافًا للكثير من أسفار العهد القديم التي تقرر في مطلعها أنها وحي من الله إلى نبيه، ومن أمثلة ذلك: "كلم الله موسى وقال له: أنا الرب"، وأنا ظهرت لإبراهيم وإسحق ويعقوب بأني الإله القادر على كل شيء...

ثم كلم الرب موسى قائلاً:...... - خروج 6: 2 - 10".
"رؤيا أشعياء بن أموص... اسمعي أيتها السموات، وأصغي أيتها الأرض؛ لأن الرب يتكلم... - أشعياء 1: 1 - 2".
"قول الرب الذي صار إلى يوئيل... - يوئيل 1: 1".
"رؤيا عوبديا. هكذا قال السيد الرب... - عوبديا 1: 1".

كذلك تقرِّر آيات القرآن وسوره أنها وحي من الله:
﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [إبراهيم: 1].

﴿ الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ﴾ [آل عمران: 1 - 3].

﴿ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النور: 1].

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].

﴿ قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ ﴾ [الأنبياء: 45].

﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 102].

أما الأناجيل، فإن موقفها مختلف تمامًا بالنسبة للوحي؛ فها هو لوقا يبدأ كتابة سلسلة من الخطابات إلى عزيز لديه يدعى ثاوفيلس، يحدثه فيها عما ترامى إليه من أخبار المسيح، ويبعثها إليه على التوالي حسبما تساعده الظروف، وتمر عشرات السنين بعد رحيل المسيح، وعشرات وعشرات بعد موت لوقا الذي لم يكن قط من تلاميذ المسيح، ولم يسعده الحظ برؤيته ولو مرة واحدة؛ لأنه كان من الجيل الثاني بعد جيل المسيح، فتعمد السلطات الكنسية إلى تجميع رسائله وتقسيمها إلى قسمين، تسمي الأول منها: (إنجيل لوقا)، وتسمي الثاني: (سفر أعمال الرسل).

لقد كان الرجل صادقًا مع نفسه ومع صديقه ثاوفيلس حين بدأ رسائله بما نجده الآن في مقدمة إنجيله التي يقول فيها: "إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا، كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدامًا للكلمة. رأيت أنا أيضًا؛ إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق، أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس، لتعرف صحة الكلام الذي علمت به - لوقا 1: 1 - 4".

ويتضح من ذلك عدة أمور:
أن كثيرين قد أخذوا في تأليف قصص عن المسيح وبشارته، ومن المعلوم أن القرنين الأول والثاني من الميلاد قد انتشرت فيهما أناجيل كثيرة، وتذكر لنا دائرة المعارف البريطانية أسماء العشرات من تلك الأناجيل.

وإن لوقا كتب ما كتب كرسالة شخصية إلى عزيزه ثاوفيلس الذي قيل: إنه كان ثريًّا من الإسكندرية، أو موظفًا رومانيًّا كبيرًا.

وأن لوقا كتب رسالته إلى ثاوفيلس بدافع من نفسه، ومحاكاة للآخرين: (رأيت أنا أيضًا)، وأنه عمل في رسالته بجهده الخاص: (تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق).

ولم يدُرْ بخلَد لوقا أن ما كتبه آنذاك سيكون سفرًا مقدسًا يستخرج منه ملايين البشر عقائدهم الدينية؛ لأن ما كتبه كان رسالة شخصية لصديقه: (لتعرف صحة الكلام).

وأنه لم يرَ المسيح، وإنما جاءته معلومات عنه من (الذين كانوا معاينين وخدامًا له).

وخلاصة القول: إن ما سطره لوقا من رسائل وجمعت معًا لا تعدو أن تكون كتابًا مؤلفًا بكل معنى الكلمة؛ فهي مجهود بشري أولاً وأخيرًا، ولا علاقة لها بالوحي، إن هذا ما يقوله لوقا في بعض رسائله هذه، والتي صدرت بها سلطات الكنيسة الجزء الثاني من رسائله، وجمعته تحت اسم: (سفر أعمال الرسل).

إن لوقا يقول، حسب ترجمة الكاثوليك: "ألفت كتابي الأول يا ثاوفيلس في جميع ما عمل يسوع وعلم، منذ بدور رسالته إلى اليوم الذي رفع فيه إلى السماء...".

وتقول ترجمة البروتستانت: "الكلام الأول أنشأته يا ثاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله...".

لقد كان لوقا صادقًا مع نفسه حين قرر أن ما سطره كان من تأليفه، من يجرؤ - بعد ذلك - على الادعاء بأنه كُتب بإلهام من الروح القدس؟!

أو من يجرؤ بعد ذلك على ضم كتابات لوقا وغيره إلى قائمة الكتب التي قيل: إن بولس قال عنها: كل الكتاب موحى به من الله، وقد بينا خطأ تلك المقولة؟!
وها هو كاتب إنجيل متى يقرر أن ما يكتبه هو: "كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم... - 1: 1".

وليس في هذا الكلام أو في غيره ما ينص على أنه وحي من الله، وما يقال عن إنجيل متى يقال عن إنجيل مرقس بالنسبة لموضوع الوحي، إلا أن كاتب إنجيل مرقس - الذي لم يرَ المسيح مثل لوقا - قرر أن يسمي كتابه إنجيلاً، فقال: "بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله - 1: 1".

وجدير بالذكر أن "بعض المراجع القديمة الموثوق فيها تحذف: ابن الله" [6]؛ أي: إن السطر الأول من إنجيل مرقس يقرأ هكذا: "بدء إنجيل يسوع المسيح".
وهكذا تحدث عمليات الإضافة والحذف عبر السنين...

وبالنسبة لإنجيل يوحنا، فقد كتب لغرض حدده الكاتب سلفًا، وهو الاعتقاد بأن المسيح هو ابن الله؛ إذ يقول: "وآيات أخر كثيرة صنعها يسوع قدام تلاميذه، لم تكتب في هذا الكتاب، وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا بأن المسيح هو ابن الله - 20: 30 - 31".
ولا علاقة لهذا الكلام بموضوع الوحي، وقل مثل ذلك على رسائل التلاميذ [7].


[1] HyamMaccoby: The Myth Maker. Pp. 67-8.
[2] " All scripture is given he inspiration of God. And is profitable for doctrine, for reproof, to correction. for instructions in righteousness".
[3] " Every scripture inspired by God is alse ".
[4] " Every scripture inspired by God is ales useful ".
[5] " TouteEeriture, inspire de Dieu, est utile ".
[6] D. Nineham: Saint Mark p. 56.
[7] لمزيد من التفاصيل حول بولس ومسيحيته، راجع كتاب المؤلف: حقيقة التبشير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق