الجمعة، 27 نوفمبر 2015

صفات الإله الخالق عند غير المسلمين –اليهود-(ب)


صفات الإله الخالق عند غير المسلمين –اليهود-(ب)

لقد أشرنا من قبل إلى تحريف اليهود لكتابهم المقدس –التوراة- تبعًا لأهوائهم وكبرهم وحقدهم، وقد أشرنا أيضًا إلى شهادة الدكتور/ موريس بوكاي على ذلك، وقوله: إنه لا يستطيع عاقل أن ينكر تضييع أهل الكتاب –اليهود والنصارى- لما استُحفظوا عليه من كتاب الله، التوراة والإنجيل، فالتوراة التي يقولون كتبها موسى تقول لهم: [ولما مات موسى –رجل الرب- ودُفن في أرض موآب] [سفر التثنية: إصحاح 5: 34].

فكيف يكتب موسى عليه السلام أنه مات ودُفن؟!
إلى غير ذلك مما تحتويه التوراة من القصص المفتراة، وقبيح ما فيها من بذيء الأقوال الفاحشة، ونَسْبها وإلصاقها بأنبيائها وصالحيهم، ومن ذلك:

- أن اليهود –لعنهم الله- نسبت نبي الله لوط عليه السلام إلى أنه وطئ ابنتيه وأولَدَهما وهو سكران من الخمر.
- وأيضًا نسبت نبي الله سليمان عليه السلام أنه كان ملكًا ساحرًا، وكان أبوه عندهم ملكًا مسيحًا، قاتلهم الله.
- وأيضًا: نسبوا نبي الله يوسف عليه السلام أنه حل تكة سراويله وتكة سراويل سيدته، وأنه قعد منها مقعد الرجل من امرأته، وأن الحائط انشق له، فرأى أباه يعقوبًا عاضًّا على أنامله، فلم يقُم حتى نزل جبريل عليه السلام فقال: يا يوسف تكون من الزناة وأنت معدود عند الله من الأنبياء؟ فقام حينئذ، وذلك قولهم، لعنهم الله.

ونسبت أيضًا تلك الأمة الغضبية نبي الله المسيح ابن مريم عليه السلام إلى السحر، وقالوا: إنه ساحر، ولد بغية، ونُسبت أمه إلى الفجور، قاتلهم الله.

وننوه إلى:

 أنه في الوقت الذي قد نسبت فيه النصارى الألوهية إلى نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام افتراءً وكذبًا، كان اليهود يكذبونه وينسبون إليه ولادته بُغية، ظلمًا وزورًا، وينسبون أمه -السيدة مريم- إلى الفجور، إلى أن جاء رسول الله محمد صل الله علية وسلم بالحق المبين، بالقول الذي لا فيه إفراط ولا تفريط، وهو نفي الألوهية عن عيسى ابن مريم عليه السلام، وفي الوقت ذاته إثبات نبوته، وأنه –عيسى ابن مريم- عبد الله ورسوله.
وغير ذلك الكثير والكثير من أكاذيب اليهود وافتراءاتهم على أنبيائهم وصالحيهم.

ويقولون أيضًا في صلاتهم في إلههم في العشر الأول من الشهر من كل سنة:
(انتبه! كما تنام يا رب؟ استيقظ من رَقْدَتِك).
فهؤلاء إنما أقدموا على مثل تلك الكفريات من شدة ضجرهم من الذل والعبودية.

ومن اليهود من قد افترى على الله الكذب بقوله أن عُزير ابن الله، تعالى الله عن مثل ذلك الكذب علوًا كبيرًا.
وأيضًا: فإنهم –اليهود- قد اتخذوا أحبارهم أربابًا من دون الله، يطلقون عليهم الربانيون، حيث إنهم –أحبارهم- يحللون لهم ما حرم الله، ويحرمون عليهم ما أحلَّ الله، افتراءً وكذبًا، واليهود يتبعونهم.

وأيضًا: قام اليهود بتكذيب النبي محمد صل الله علية وسلم مع ما قد وجدوا من صفته في التوراة وتبشيرها به، ورغم تأييده من الله سبحانه وتعالى بالمعجزات والخوارق التي قد ظهرت على يديه، بل وحاولوا قتله كما هو دأبهم في قتل أنبيائهم ورسلهم من قبل، وما ذلك إلا لأنهم كانوا يعتقدون بأن النبي الذي أخبرت به التوراة سوف يخرج منهم، ويكون من جنسهم، فلما خرج نبي آخر الزمان من العرب –بني إسماعيل- اغتاظوا لذلك وعَظُم كبرهم وحقدهم في أن يتبعوه لخروجه من غيرهم وغير جنسهم، ومن ثم جحدوا نبوته صل الله علية وسلم بعد أن كانوا سببًا في إيمان أهل المدينة برسول الله صل الله علية وسلم.

وننوه إلى: 

أنه من الشواهد التاريخية على نبوة محمد صل الله علية وسلم وصدق دعوته ورسالته:
أن اليهود كانوا سببًا رئيسيًّا في أن يؤمن أهل المدينة بالنبي محمد صل الله علية وسلم بعد أن كانوا عبادًا للأوثان، حيث إنه في وقت معاداة أهل المدينة لليهود كان اليهود يستفتحون على أهل المدينة بأنه يوشك أن يظلهم نبي –أي يخرج منهم- ويقاتلون معه، فيقتلوا أهل المدينة قتل عاد وإرم، ولم يكن لأهل المدينة معرفة مسبقة بالنبي الذي سوف يخرج إلا من قِبل اليهود، فلما خرج النبي محمد صل الله علية وسلم من العرب، ما كان من أهل المدينة إلا أن سبقوا اليهود في الإيمان به صل الله علية وسلم ، وعلموا أنه هو صل الله علية وسلم الذي أخبرت به اليهود، فازداد اليهود غيظًا وحقدًا على ما هم عليه من غيظ وحقد، لخروج النبي محمد صل الله علية وسلم من العرب، ولسبق أهل المدينة لهم في الإيمان به صل الله علية وسلم.


فما كان من اليهود إلا أن كذبوا بنبوته صل الله علية وسلم وحجدوا رسالته، مع يقينهم بنبوته وصدق رسالته.
وما ذلك إلا لعظم الكبر الذي ينطوي عليه صدور اليهود، والغل والحقد لغيرهم من الأجناس والشعوب، ولعل ما ذكرنا يوضح لنا صفة اليهود، حتى يتضح لنا تصورهم واعتقادهم في إلههم النابع من تلك العنصرية التي بهم، وذلك الحقد لغيرهم.

ولذلك: 

فإن اليهود يزعمون بأن دينهم لا يقبل سواهم، وأن جميع البشر سُخِّروا لخدمتهم، ومنهم من بلغ الأمر به في ادعائه بعدم الحرج في كل أموال غيرهم بالباطل، وفي ذلك يقول الله تعالى:

﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 75].

فاليهود وإن قالوا بوحدانية الله إلا أنهم قد وصفوه بقبيح الصفات.
ومع أن الدين الذي تدين به اليهود ينطوي على عظيم الفساد والخلل، إلا أنهم يزعمون أن الله قد ارتضاه لهم بتلك الصورة والكيفية، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
**ذلك بالإضافة إلى تكذيبهم لأنبياء الله ورسله، بل ومحاربتهم وقتلهم تبعًا لأهوائهم، وكبرهم وشهواتهم.

ومع ذلك يزعمون بأن الإله راضٍ بذلك منهم، وأنهم أبناء الله وأحباؤه، ولذلك يقولون بأن الله راضٍ عنهم، وكذبوا في ذلك كله، فتعالى الإله الخالق الحكيم العادل عن أن يشرع مثل ذلك الدين بما يحتويه من فساد وفُحش –كما في افتراءاتهم على أنبيائهم وصالحيهم كما أشرنا- وبما ينطوي عليه من عنصرية، وغير ذلك.

فالإله في معتقد اليهود وتصوراتهم:  

إله بني إسرائيل فقط، وأنه خاص بهم وحدهم دون سائر الأمم والشعوب، وأنه يحبهم دون جميع الناس، ويحب طائفتهم وسلالتهم، ويقولون أيضًا: إن الإله لا يختار الأنبياء إلا منهم، وكذلك الصالحين، فلا يتقبل عبادة إلا منهم، ولذلك فهم يزعمون بأن الجنة مقصورة عليهم، تعالى الله عز وجل عن أن يكون إلهًا ظالمًا، عنصريًّا كما تدعيه اليهود.

فاليهود بذلك قد ذموا وعابوا في إلههم وخالقهم؛ لأنهم بذلك:
- قد وصفوا الإله بالظلم والعنصرية والفظاظة لسائر البشر من مختلف الأمم والشعوب، وأنهم –البشر- لا أمل لهم في مثل ذلك الإله، حيث إن سائر الأمم والشعوب مرفوضة مِنه.

وقد وصفوا الإله بما يدعونه بعدم الحكمة أيضًا:
لأن الله قد خلق البشر جميعًا لعبادته، بأن يؤمنوا بجميع أنبيائه ورسله، ويتبعونهم، ويلتزمون بالشرع الذي جاءوا به.
وبما أن إله اليهود لا يقبل سواهم ولا يتقبل عبادة إلا منهم، إذن فلا أمل لسائر الشعوب والأمم في التعبد والتقرب لذلك الإله الذي خلقهم، وليبحثوا حينئذ عن إله آخر يُرضونه فيقبلهم، توبيخًا واستنكارًا لكذب وادعاء اليهود، وذلك بلا شك وصف للإله بعدم الحكمة، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا. *
*وغير ذلك الكثير والكثير من الصفات القبيحة والمذمومة التي قد رموا الله تعالى بها من منطلق ذلك الاعتقاد الفاسد الذي يدينون به.

فقد عاب اليهود –لعنهم الله- إلههم بأن وصفوه بجسم كبير، تعالى الله عن مثل ذلك علوًا كبيرًا.
حيث ينتج عن ذلك وصف الإله –كذبًا- بالتحيّز، وأن له مكان يحتويه، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
*فالله عز وجل خالق المكان والزمان، وخالق كل شيء، فليس قبل وجود المكان والزمان إلا الله تعالى.
فالله تعالى لا يحويه ولا يحيطه مكان أو زمان.

لذلك، فإن اليهود هم أول من يتبع المسيح الدَّجال الذي يأتي في آخر الزمان ويدَّعي الألوهية بما جاء من فتن، جعلها الله عز وجل في يديه –الدجال- ابتلاءً وامتحانًا من الله سبحانه وتعالى لإيمان العباد واختبارًا لهم.

وقد أظهر الله سبحانه وتعالى في الدَّجال ما يُبيِّن ويشهد بكذبه وافترائه، مثل العَوَر الذي في إحدى عينيه.
فمع أنه –الدجال- يدَّعي الألوهية إلا أنه لا يستطيع أن يُزيل ما به من نقص وعور، خزيًا من الله تعالى له في الدنيا قبل الآخرة.
ومثل: تحيّزه –الدجال الكاذب- في جسم ما صَغُر أم كَبُر.
حيث إنه لا يُعقل أن يكون الإله الخالق عبارة عن متُحيز في جسم أو جسد ما صَغُرَ أو كبر.

ومع ذلك، فإننا نجد أن اليهود ينتظرونه، وهم أول من يؤمنون به لفساد معتقدهم وتصورهم في ذات الله تعالى.
وسوف نُدلِّل عقليًّا من معتقدهم عظيم كذبهم في ادعائهم باختصاصهم بالله تعالى، وذلك من خلال هذه المناظرة.

حيث يُقال لهم: 

ما قولكم في أيوب عليه السلام؟ أتُقرِّون بنبوته؟!
فيقولون: نعم.

فيُقال لهم: هل هو من بني إسرائيل؟
فيقولون: لا.

فيُقال لهم: 

ما تقولون في جمهور بني إسرائيل، يعني التسعة أسباط الذين أغواهم يربعام بن نباط الذي خرج على ولد سليمان بن داود عليهما السلام، وصنع لهما الكبشين من ذهب وعكف على عبادتهما جماعة بني إسرائيل وأهل جميع ولاية دار ملكهم المُلقبة يومئذ بشومرون إلى أن جرت الحرب بينهم وبين السبطين والنصف الذين كانوا مؤمنين مع ولد سليمان في بيت القدس وقتل في معركة واحدة خمسمائة ألف إنسان؟

ما تقولون في أولئك القتلى بأسرهم، وفي التسعة أسباط والنصف؟
هل كان الله يحبهم لأنهم إسرائيليون؟

فيقولون: لا، لأنهم كفار.

فيُقال لهم: 

أليس عندكم في التوراة أنه لا فرق بين الدخيل في دينكم وبين الصريح النَّسَب؟

فيقولون: بلى، 

لأن التوراة ناطقة بهذا، إن الأجنبي والصريح النسب منكم سواء عند الله.

إذن: 

فقد أقروا بأن الله لا يُحب الظالمين منهم، ويحب المؤمنين وإن كانوا من غير طائفتهم ويتخذ أنبياء وأولياء من غير سلالتهم. ([1])
وبذلك: يَنْتَفِي ما يدعيه اليهود من اختصاص الله سبحانه وتعالى بطائفتهم من بين المخلوقين.

([1] ) منهج الجدل والمناظرة في تقرير الاعتقاد، للدكتور/ عثمان علي حسن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق