الجمعة، 27 نوفمبر 2015

صفات الإله الخالق عند غير المسلمين –النصارى-(أ)



صفات الإله الخالق عند غير المسلمين –النصارى-(أ)
لقد نسبت النصارى إلى إلههم ومعبودهم ما لا تقبله الفطرة السوية، بل تأنف منه وتناقضه، وقاموا بوصفه بما لا يقبله العقل الصحيح الصريح، بل يعارضه ولا يستسيغه.
فعقيدة النصارى في الإله الخالق عقيدة شائبة، غير صافية لا يتفهمها الإنسان البسيط لإعناتها للفكر، وقهرها للذهن، 
فما هي إلا فلسفة وضعية، ونوضح:
أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق عباده ويُرسل إليهم أنبياءه ورسله كي يُلبِّس عليهم أو على بعضهم أمر دينهم ومعتقدهم، فالعقيدة الصافية الصحيحة التي تقبلها الفطرة السوية النقية لا بد وأن تكون خالية من أية شوائب وعكرات كي يتفهمها جميع البشر ويقبلونها على اختلاف مستويات عقولهم، وهذا من حكمة الله سبحانه وتعالى.
*أما أن تكون العقيدة ذات إعنات أو قهر للفكر والذهن، لا يتفهمها سوى طائفة محدودة من الخلق، فلا شك أن تكون الكتب التي جاءت بمثل تلك العقيدة العسرة الفاسدة قد تناولتها الأيدي البشرية بالتحريف والتضييع، وإخراجها عن إطارها الرباني لهداية البشر.
ونوضح ذلك في النصرانية، وعقيدتها في الإله الخالق، حيث يقولون:
يقولون بأن الإله واحد –لأن التوراة تقول ذلك- ولكنهم في نفس الوقت يقولون بأنه ثلاثة وجوه أو أقانيم، ثم حاولوا حل وفك ذلك اللغز بين كونه إلها واحدا كما في التوراة وبين كونه ثلاثة حَسْبَ معتقدهم.
*
فزعموا أن وجوه اللاهوت الثلاثة أو الأقانيم الثلاثة هي: الأب والابن والروح، ويعنون أيضا بها الوجود والحياة والعلم، ولهم في ذلك خبط وافتراق واسع.

فقالوا بأن الأب هو الأصل الذي انبثق منه الروح وخرج منه الابن جبرًا واضطرارًا، فلم يكن بين وجوده ووجودهما زمان، حيث كان ذلك منذ وجود الأب نفسه.
وعلى ذلك فإنهم لا يفاضلون بين الأب والأقنومين الآخرين، لأنهم جميعًا على سواء بلا تباين أو اختلاف، ثم جعلوا لكل من تلك الأقانيم الثلاثة المزعومة وظيفة واختصاصًا، ولكنهم في النهاية يسلكون معا كسلطة واحدة، تعالى الله عن مثل تلك الافتراءات علوا كبيرا.
ثم زعموا بأن الابن الإله، وهو أحد الأقانيم الثـلاثة، تجسد في صورة بشر –المسيح- ليُقدم نفسه للفداء، وسِرّ ذلك يزعمونه في قصة عجيبة
حيث قالوا
إن الرب لما خلق آدم وضعه في الجنة وأمره أن يأكل من كل الشجر عدا شجرة واحدة وذلك نصها في سفر التكوين: [وأوصى الرب الإله آدم قائلا: من جميع شجر الجنة تأكلا أكلا، وأما شجرة معرفة الخير والشر، فلا تأكل منها؛ لأنك يوم تأكل منها تموت] [سفر التكوين: 15- 17].
ثم زعموا: أن آدم قد أكل من الشجرة، وبذلك صار مستوجبًا للموت الذي توعده به الرب الإله، إلا أن الرب الإله لم ينفذ وعيده له حيث أخذته الرحمة بآدم، ولكن كـان لا بد أن يحقق الرحمة والعدل معًا، فأصبح الأمـر وكـأن الرب الإله لم يكن متوقعًا أن يأكل آدم من الشجرة، وبذلك أصبح في مشكلة وورطة، وصراع، لهذا التعارض بين الرحمة والعدل، وكيفية تحقيقهما معًا، إلى أن قدم الابن الإله نفسه للفداء بعد دهور ودهور –من خلق آدم وذريته من بعده- كي يُهان ويُصلب ويقتل كإنسان خاطئ، تحقيقًا لمبدأ العدل، وتكفيرًا لذنبه وخطيئتهلأكله من الشجرة المنهي عنها- وتكفيرًا لذنوب ذريته الخطيئة والذنب –بما فيهم الأنبياء والصالحين- عن أبيهم آدم، وذلك بعد أن رحم الرب الإله آدم، فلم يُمته حين أكل من الشجرة.

ثم زعموا بأن الابن الإله قد أُهين وصُلب وقُتل لتقديم نفسه كفداء، ولكن بعد محاولته الهروب، وسؤاله وطلبه للأب الإله أن يُنقذه، ثم بقي مقتولا مصلوبًا على الصليب -حيث عبدوه أيضًا لصلب إلههم عليه- إلى أن دُفِن وقُبِر، ثم خرج من قبره وصعد إلى السماء، تعالى الله عن كل تلك الافتراءات علوًا كبيرًا.
تنبيه:
إن شأن النصارى في تلك الافتراءات والادعاءات كما هو الحال في زعم وجود الابن الإله الفادي بنفسه، حيث يُصلب ويُقتل، ويُدفن ويُقبر، ثم يقوم تارة أخرى إلى السماء تخليصًا وتطهيرًا لذنوب البشر جراء أكل أبيهم آدم للشجرة المنهي عنها، والذي قام (شاول الطرسوس) الباطن –الذي تسمى باسم (بولس) وأفسد دين النصارى- بتسميته [المُخلِّص] حيث قام بتسمية الابن الإله بالمُخلِّص، هو شأن الأسطورة الخرافية (عشتار) و (بعل)،

حيث تدعي تلك الأسطورة أن (عشتار) 
هي ملكة السماء، وتُرسل في منتصف الصيف ابنها الإله الشمس (بعلا) لخلاص وإنقاذ الأرض من جَدْبِها، ولكن آلهة العالم السفلي تحبسه فيموت، ثم تنزل الأم (عشتار) لتُخلِّصه من أيديهم في يوم (25 ديسمبر)، وهكذا، فضعف الشمس هو موت الابن الإله (بعل)، واستعادة الشمس بهاءها وقوتها هو ميلاد الابن الإله (بعل) من جديد.
فكما أن المسيح الذي سُمِّي (بالمخلص) يموت، فيذهب إلى العالم السُّفلي، ثم يقوم من بين الأموات ليُخلِّص البشر من خطاياهم، فإن (بعل) يُخلِّص البشر بخلاص وإنقاذ زروعهم من جدب أرضهم.
وفي مُستهل القرن الرابع الميلادي ظهر الإمبراطور الرومي قسطنطين الذي كان يعبد (بعلًا) باسم (الشمس التي لا تُقهر)، فنصر عُبَّاد الصليب الوثنيين، وجعل يوم الأحد (sun-day) [يوم الشمس] عيدًا للنصارى، وأصبح ميلاد (بعل) في (25 ديسمبر) هو يوم ميلاد (المسيح).
وفي تلك الحقبة نشأت الكنيسة الكاثوليكية الرومية التي قامت على عبادة الأم (العذارء مريم) والابن الفادي (المسيح)، بل إن شئنا قلنا الأم (عشتار) والابن (بعل).
وعلى نهج قسطنطين يسير باباوات الكنيسة إلى يومنا هذا، تعالى الله عز وجل عن كل ذلك الإفك علوًا كبيرًا.

ومن ذلك يتضح مفتاح ولغز عقيدة النصرانية الفاسدة، التي أُلْقيت في أحضان عدد من الوثنيات القديمة، ومن ثم فقدت إطارها الرباني كُليَّة اللازم لهداية الخلق.
وقبل أن نَرُدَّ على مثل ذلك الإفك والوهم، نتساءل تَعجُّبًا:
هل يمكن لفطرة سوية وعقل سليم أن يقبلان مثل تلك الافتراءات والترهات في الإله الخالق: رب الأرض والسماوات؟!!
بالطبع: لا.

فالفطرة النقية السوية والعقل السليم لا يقبلان مثل ذلك أو أدنى منه الإله الخالق الذي يجب تنزيهه وتمجيده.

ولتوضيح نكارة وبطلان مثل تلك الافتراءات نتساءل استنكارًا:
1-
إذا كان الابن والروح قد انبثقا وفاضا من الأب جبرًا واضطرارًا دون إرادة أو قصد واختيار، فهل كان –الأب المزعوم- عالمًا بذلك أم غير عالم؟!
فإن كان عالمًا، فإنه بذلك لم ينبثق منه الابن والروح جبرًا واضطرارًا، فدلَّ ذلك على تناقض قولهم في مثل ذلك الاعتقاد المزعوم.
وإن كان غير عالم بانبثاق الابن والروح منه لادعائهم أن الابن والروح قد صدرا عنه بالإيجاب الذاتي، نقوم بسؤالهم مجاراة لافتراءاتهم.
إذا سلَّمنا لكم جدلا بإمكان ذلك، فهل علم –الأب المزعوم- بانبثاق الابن والروح منه بعد ذلك أم لم يعلم؟!

فإن كان قد علم بانبثاق الابن والروح منه بعد ذلك، فإن ذلك يدل على أنه الإله الأب قد استجدّ له علم لم يكن من قبل، وذلك إما أن يكون ما علمه كان عن طريق غيره، وإما أن يكون علم بذاته بعد أن لم يكن يعلم، مجاراة لادعائهم.

وكلا القولين المزعومين مُحال وباطل في حق الإله، ويُدل ذلك الاستنتاج على نكارة أصل المعتقد وبطلانه، وأنه ما هو إلا إفك مفترى، ما أنزل الله جل وعلا به من سلطان.

فالتوحيد المزعوم عند مثل هؤلاء –النصارى- مجازٍ غير حقيقي، بل يُسمُّونه بالتوحيد المركب، أي أنه ليس بتوحيد حقيقي، فلا يتفهمه الإنسان البسيط، وذلك تأكيدًا لما أشرنا إليه سابقًا.

ونتساءل استنكارًا:
2-
إذا كان الأب الإله قد انبثق منه الابن الإله، وحلَّ في جسم بشري كطبيعة خاصة به من أجل إهانته وصلبه وقتله في مثل ذلك الفداء المزعوم، فما المانع إذن من أن يَحُلَّ ذلك الإله الابن في أي من المخلوقات الأخرى كالملائكة أو الجان أو غيرها في أسطورة خرافية أخرى، وأن يَلْحق به مثل ما لحقه في الفداء المزعوم من إهانة وصلب وقتل، أو ما هو أفظع وأشنع من ذلك؟ أو أن يكون قد حدث له مثل ذلك فيما مضى –قبل خلق وآدم- مرارًا وتكرارًا؟

استنكارًا لافتراءات النصارى وأقوالهم الكاذبة على الله تعالى.
فمن قبل ورضي في معتقده واعتقاده أية صفة نقض وذم في إلهه الذي يعبده، والذي كان عليه أن يُنزهه ويمجده، ولا يُساوي بين فعله وفعل البشر، وغيرهم من المخلوقات التي أوجدها الله تعالى من العدم، فلا عجب أن نجده يقبل ويرضى في معقتده واعتقاده صفة نقص وذم ثانية وثالثة... في إلهه وخالقه, الذي كان عليه أن ينزهه ويمجده بدلا من أن يذمه هو بنفسه ويعيبه.

وإذا كان الإله قد اتخذ المسيح ابنا له –وإن كان مجازًا- فما المانع من أن يكون الإله قد اتخذ أيضًا ابنًا أو أكثر من الملائكة المقربين -الذين هم أشرف خِلقة من البشر- أو من الجن وغيرهم –وإن كان ذلك مجازًا- لطبيعة خاصة به معهم؟! ومن ثم اتخاذه زوجة أو أكثر من الجن وغيرهم طبيعة خاصة به أيضًا؟!

توبيخًا واستنكارًا لافتراءاتهم.
معاذ الله تعالى أن يكون من صفاته مثل ذلك الإفك المُفترى.
ونتساءل استنكارًا:
3-
إذا كان النصارى يعتقدون في المسيح أنه إله أو ابن إله –على اختلاف فرقهم الباطلة- لأنه وُلِد من غير أب، فماذا نقول في آدم عليه السلام، وقد خلقه الله عز وجل من غير أب ولا أم، أننسب إليه الألوهية أو جزء منها، أنزعم أنه إله أو ابن إله أيضًا؟
حاشا وكلا، فتعالى الله عن مثل تلك الافتراءات علوًا كبيرًا.

ونتساءل استنكارًا:
4-
إذا كان النصارى يعتقدون في المسيح الألوهية لظهور بعض المعجزات على يديهتأييدًا من الله عز وجل لثبوته- فماذا نقول في محمد صلالله علية وسلم وموسى عليه السلام وغيرهما من الأنبياء والمرسـلين وقد جاءوا بالكثير والكثير من المعجزات والخوارق من الله سبحانه وتعالى، تأييدًا لهم على صدق نبواتهم ورسالاتهم؟ فهل يَجُرُّنا ذلك إلى اعتقاد الألوهية فيهم؟!

ونتساءل استنكارًا:
5-
كيف تحمل السيدة مريم العذراء –وهي من البشر- إلهًا أو ابن إله؟!

كيف يحتوي الأدنى والأعلى؟
وكيف يخرج مثل ذلك الإله من شق الفرج –سَوْءة الإنسان- كمولود صغير، فاتحًا فمه لثدي أمه؟!
وماذا إن تزوج إنسان من بقرة؟! ماذا إن التقت الطبيعة البشرية مع الحيوانية؟ أيولد ما نصفه إنسان والنصف الآخر بقرة؟!

أيُعقل أن تلتقي الطبيعة الإلهية مع الطبيعة البشرية؟!
حاشا وكلا، فمثل تلك العقيدة الفاسدة، والأوهام العكرة لا تقبلها فطرة سوية سليمة، ولا يقبلها عقل راجح رشيد.
فهمالنصارى- يستوون مع عُبَّاد البقر وغيرهم، حيث يعبدون بشرًا من خلق الله تعالى، وينسبون إليه الألوهية أو جزء منها أو طبيعتها على اختلاف فرقهم الضالة بسبب باطلهم المنغمسين فيه.

ونتساءل استنكارًا، لما لا يقبله العقل الصحيح الصريح.
6-
ما الذي يـُجبر ويرغم الإله الخالق على مثل تلك الأفعال القبيحة التي لا تتوافق أو تتناسب مع ألوهيته، وهو القادر على أن يخلق ويفعل ما يشاء؟!

وكيف يترك ابن الإله نفسه ليُهان من قِبَل اليهود –كما في زعمهم- ثم يُصلب ويُقتل دون أن يحمي نفسه؟!
وإن عجز عن حماية نفسه ممن سبَّه وأهانه، فكيف يترك الأب الإله ابنه ليُهان ثم يُصلب، فيُقتل، دون أن يحميه؟!

*
وإذا كان الإله الابن راضيًا أن يُقدِّم نفسه كفداء وتكفير لخطيئة آدم وذريته من بعده، فلماذا كان يسعى هاربًا ويسأله ويطلب من الإله الأب إنقاذه؟ ألم يكن إلهًا أو فاديًا راضيًا؟
**
وكيف يترك الإله ابنه ليُهان ويُقتل من قِبَل اليهود الذين يكفرون به ويكذبونه بزعم أن ذلك سببًا في تكفير ذنوب بني آدم، وهو لا دخل له بهذه الذنوب؟
***
وما الذي يجبره ويرغمه على ذلك وهو الإله الخالق الذي يملك العفو والغفران دون أدنى حاجة لمثل تلك الافتراءات والأباطيل التي يعتقدها النصارى؟!

وهل يُعقل أن يتحمل بنو آدم ذنوبًا بسبب مخالفة أبيهم آدم لربه، وأكله من الشجرة التي قد نُهي أن يأكل منها؟!
أيُعقل أن يتحمل الابن ذنبًا لأبيه أو جزءًا منه، وهو لا علاقة له بذلك الذنب؟!
أهذا من حكمة الإله وعدله الذي كان يجب علينا أن نمجده وننـزهه عن ما لا يليق به؟!

ويا عجبًا: أي قبر يسع إله السموات والأرض بعد إهانته وسبه، وصلبه وقتله، ودفنه وقبره؟!
فما تلك الأوهام والظنون الفاسدة إلا أسطورة خيالية كأساطير وخرافات الماضين من الشعوب والأمم.
ولقد أحسن بعض عقلاء الشعراء في إفحام مثل هؤلاء، فقال:

عجبي للمسيح بين النصارى
وإلى أي والد نسبوه
أسلموه إلى اليهود وقالوا
إنهم بعد قتله صلبوه
فإذا كان ما تقولون حقًّا
وصحيحًا فأين كان أبوه
حين حلَّ ابنه رهين الأعادي
أتراهم أرضوه أم أغضبوه
فلئن كان راضيًا بأذاهم
فاحمدوهم لأنهم عذبوه
وإذا كان ساخطًا فاتركوه
واعبدوهم لأنهم غلبوه

فالعقول الصحيحة الصريحة والفِطر السليمة لا يقبلان أيا من ذلك العبث والافتراء والكذب على الله تعالى، الخالق البارئ، فتعالى الله عن مثل تلك الافتراءات علو كبيرا.

إن من العجيب:

أن فكرة توارث الخطيئة مرفوضة في كتابهم الذي يقدسونه،
حيث إنه في [سفر التثنية 24: 16]: [لا تُقتل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يُقتل].
وفي [حزقيال: 8: 20]: [النفس التي تخطئ هي تموت، والابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن، بر البار عليه يكون، وشر الشرير عليه يكون].
ومع أن فكرة توارث الخطيئة مرفوضة لديهم كما يتبين لنا من كتبهم، إلا أننا نجد أنهم يؤمنون بها كعقيدة، كما أشرنا إليها في قصة الفداء المزعومة، فيقولون: [بالخطيئة حملت بنا أمهاتنا]!! وما ذلك التناقض إلا لما حدث من التحريف والتضييع في كتبهم، ومن ثم الخلل في معتقدهم.

ونجد أيضًا في قضية الفداء المزعوم، التي تزعم أن الإله الابن قدَّم نفسه للإهانة والصلب والقتل على أيدي اليهود من أجل التكفير عن ذنب آدم؛ حيث أكله من الشجرة المنهي عنها، وذنب ذريته من بعده لتوارثهم خطيئته، أنها مغلوطة.
حيث إن طبيعة الابن المزعوم إمَّا قابلة للموت أو غير قابلة للموت.

فإذا كانت طبيعته الموت، إذن فهو ليس بإله، ومن ثم لا تصلح الدعوى بأنه إلهًا وفاديًا في نفس الوقت.
وإن كانت طبيعة الابن المزعوم غير قابلة للموت لكونه إلهًا، فلم يقع عليها الموت، ومن ثم لم يكن هناك فداء أو أي من تلك الأوهام والترهات، مما يؤكد بطلان مثل ذلك الاعتقاد الفاسد.

فلقد جعل النصارى الإله الأب المزعوم إلهًا متشددًا قاسيًا، لا يصفح ولا يعفو، كما في خطيئة آدم، وعاجزًا عن حل مشكلته.
ومن جهة أخرى: جعلوا الإله الابن المزعوم مُحبًّا للبشر، وفاديًا لهم، يجود بذاته من أجلهم، رغم أنهم يزعمون أنه في الأصل –الإله الابن- منبثق من الأب، تعالى الله عن مثل ذلك علوًا كبيرًا.
فلقد شمل معتقد النصارى التناقض في فكرة الألوهية نفسها.
فبينما يوصف الإله بأنه هو الخالق، نجد أنهم ينسبون إليه الولد.

وبينما يُقال: إن الإله واحد، يُقال: إنه مكون من ثلاثة أقانيم: الأب، والابن، والروح، والتي يزعمون أن كل واحد منها إله.

وفي ذلك مناكرة للضروريات، حيث أثبتوا آلهة ثلاثة، ثم جعلوا الآلهة الثلاثة واحدًا، ومن جعل الثلاثة واحدًا، والواحد ثلاثة، فقد خرج عن حد المعقول وباهت ضرورياته.
حتى إنه قد كتب أحد القساوسة كتابًا أسماه: (الإله الباطن) زعم فيه أنه ليس لله وجود خارجي، وأن الإيمان بالله إن هو إلا إيمان بمجموعة من المُثُل والمبادئ الخُلقية، فكان ذلك التصور التعطيلي للخالق شائعًا بين جماهير المثقفين من أهل الديانتين النصرانية واليهودية.

ولقد أقبل كثير من المسيحيين على اعتناق الإسلام دينًا بعد أن رأوا المسيح عليه السلام في القرآن صورة متكاملة بعيدة عن تلك التناقضات والاختلافات التي تعيشها المسيحية، ومن ثم حاولت الكنيسة مواجهة ذلك عن طريق ادعائها كَذِبًا وجدلًا، بأن القرآن ينص على ألوهية المسيح باستخدام الآيات المتشابهات وتأويلها تأويلا باطلا عن قصد، وعدم ردها إلى المُحكم من الآيات عن عمد أيضًا، دفاعًا عن معتقدها الفاسد وموقفها الحرج أمام إسلام الكثير منهم، وتدعيمًا له.

فادَّعوا كذبًا عن قصد وعمد أن ألوهية المسيح ذُكرت
في قول الله تعالى: ﴿وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ [النساء: 171].

ونرد على ذلك القول الباطل المكذوب والاجتراء المُنكر:
1-
أنهم لم يذكروا الآية بتمامها ولم يذكروا غيرها من الآيات البينات حتى لا يفتضح أمرهم، ويفشل كيدهم، وحتى يقتربوا من دنيء مقصودهم.
فالآية الكريمة بتمامها:
﴿يَا أَهْل الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [النساء: 171].
وبذلك يتبين بوضوح عكس ما يحاول القساوسة ادعاءه كذبًا.

2-
لماذا يستدلون في مثل ذلك الادعاء الكاذب –بألوهية المسيح- بهذه الجزئيات من الآيات الكريمات في القرآن الكريم، مع أنهم لا يؤمنون به ويُكذبونه، ضلالا وجحودًا؟
لا شك أنه استدلال باطل مُنبثق من أهوائهم، واجترائهم على الله تعالى، حيث يجدون بغيتهم في هذه الأجزاء القصيرات من الآيات الكريمات لإمكانية التأويل الباطل.

3-
نوضح أن المقصود بقوله تعالى: ﴿وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾:
أولا: أن يكـون المُراد بالكلمة في الآية الكريمة مثل قوله تعالى: ﴿مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ [لقمان: 27] أي: آياته وبدائع مقدوراته، وهذه الآية يوضحها قول الله تعالى:﴿وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 91].
ثانيًا: أن يكون المراد بالكلمة في الآية الكريمة: قول الله تعالى: "كُنْ".
يعني: أنه سبحانه وتعالى خلق المسيح عيسى عليه السلام بقدرته من غير أب، وفقًا لإرادته ومشيئته وحكمته بأن قال له: "كُنْ" فكان ما أراده جل وعلا، كما كان ذلك في حق آدم عليه السلام، كما في قول الله تعالى:
﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59].
ثالثًا: أن يكون المقصود بالكلمة في الآية الكريمة: كلمته سبحانه وتعالى التي بشر بها مريم، كما في قوله تعالى: ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ [آل عمران: 45].

4-
أن تكون إضافة الروح إلى الله سبحانه وتعالى في قوله: ﴿ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾:
أولا: أن تكون هذه الإضافة للتشريف؛ لأنها من باب إضافة الأعيان مثل رسول الله، كما في قوله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾ [الفتح: 29]، ومثل «بيت الله» كما في قوله تعالى: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ﴾ [الحج: 26]، ومثل: «ناقة الله» كما في قوله تعالى: ﴿هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ﴾ [هود: 64].
ثانيًا: أن تكون إضافة الروح إلى الله سبحانه وتعالى مثل قوله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية: 13].

"
جميعًا منه" تعني: من خلقه ومن عنده، فليست «من» للتبعيض، بل لابتداء الغاية.
ثالثًا: أن تكون إضافة الروح إلى الله تعالى، لِما كان للمسيح عليه السلام من إحياء الموتى بإذن من الله تعالى كمعجزة له، ومن ثم دلالة على نبوته ورسالته، كما حدث للنبي محمد صلالله علية وسلم من معجزة حنين جذع النخلة الذي كان يخطب عليه النبي صلالله علية وسلم وبكائه، وكما هو معلوم أن حياة الخشبة التي ليس فيها روح كمعجزة أبلغ من حياة الميت الذي كان به روح، وكما حدث للنبي محمد صلالله علية وسلم من نُطق الشاة المسمومة بعد ذبحها ونضجها.
رابعًا: أن تكون إضافة الروح إلى الله تعالى لأنه: ليست الكلمة صارت المسيح عيسى، ولكنه بالكلمة صار عيسى عليه السلام.
خامسًا: أن تكون إضافة الروح إلى الله تعالى؛ لأن المسيح عيسى عليه السلام مخلوق من روح مخلوقة من الله تعالى.
سادسًا: أن تكون إضافة الروح إلى الله تعالى تعني: الروح التي أرسل ربنا تبارك وتعالى بها جبريل عليه السلام، وحيث إن جميع المخلوقات لها روح، فهل تكون آلهة أو ذات طبيعة ألوهية؟!
سابعًا: أن تكون إضافة الروح إلى الله تعالى؛ حيث نفخ روحه جبريل عليه السلام في السيدة مريم، لتَلِد بالمسيح عيسى عليه السلام، فهو سر من أسراره.
ثامنًا: أن يكون قوله تعالى: ﴿ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ يعني: رسول منه أو محبة منه.

ومما أشرنا يتبين كذب وافتراء النصارى في ادعائهم واجترائهم المنكر من وجوه كثيرة، فالقرآن الكريم حق وليس مشتملا إلا على الحق، ولا تناقض بين آياته وبين ما يدعو إليه، فهو الكتاب العزيز المُحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

ونوضح نمـاذج من الرد على بطلان ما نسبته تلك الأمة الضالة في جنب الإله الخالق من دعاوى وافتراءات كاذبة، على شكل مناظرات قد تم جمعها من كتاب «منهج الجدل والمناظرة في تقرير الاعتقاد» للدكتور/ عثمان علي حسن.
ثم نوجزها بمشيئة الله تعالى بتصرف يسير.

مناظرة

بداءةً، إن الدعاوى النصرانية –الكاذبة الباطلة- التي قد نسبوها وألصقوها بالذات الإلهية تعديًّا وظلمًا وزورًا، دعاوى لا يملكون عليها برهانًا ولا دليلا، حسيًّا كان أوعقليًّا أو نقليًّا، بل هو محض الكذب والافتراء، ومتابعة الهوى والظن، كما قال تعالى: ﴿إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا﴾ [الإسراء: 40].

﴿ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: 89- 93].

﴿سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الصافات: 159].
﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ [النجم: 28].

*
وإذا كان النصارى قد اتخذوا المسيح إلهًا يُعبد من أجل أن وُلِدَ من غير أب، فعبادتهم لآدم –استنكارًا- تكون من باب أولى؛ لأنه خُلق من غير أب ولا أم.

**
وإذا كان النصارى قد اتخذوا المسيح إلهًا يُعبد لما ظهر له من مُعجزات –كتأييد من الله لنبيه، فيصدقه قومه- فعبادتهم محمدًا مناظروموسى عليه السلاماستنكارا- يكون

من باب أولى؛ لأن المعجزات والخوارق التي ظهرت قد ظهرت على أيديهم أكثر وأعظم.
فالحق واحدٌ بيِّن لا يتعارض ولا يختلف فيه لبيان.

مناظرة في ادعاء النصارى للأقانيم
إن النصارى يدعون أن الإله عبارة عن ثلاثة أقانيم، وهم مختلفون في تحديد تلك الأقانيم المزعومة أهي صفات أم ذوات أم خواص، لكنهم اتفقوا على أنها ثلاثة وهي: الأب، والابن، وروح القدس، ويدَّعون أن الابن هو كلمة الأب، وأن الأب يعلم الأشياء بكلمته –الابن- وأن روح القدس هو الحياة التي من أجلها وجب أن يكون الأب حيًّا –على حد افتراءاتهم وأكاذبيهم-.

فيُقال لهم:
أَكُل واحد من تلك الأقانيم الثلاثة غير الآخر؟ أم كل واحد منهما هو الآخر؟
-
فإن قالوا:
-
كل واحد منهما هو الآخر،
-
قيل لهم: فلم جعلتموها ثلاثة؟!
فالعدد نفسه يدل على المُغايرة وعدم المِثلية، لذلك فقد أثبتم بكلامكم ما نفيتم، ونفيتم ما أثبتم.
وإن قالوا: بأن كل واحد من تلك الأقانيم غير الآخر،
قيل لهم: فهل تميزون أيا من تلك الأقانيم بصفة عن الآخر؟
فإن قالوا: لا نُميِّز أيًّا من تلك الأقانيم عن الآخر، عاد عليهم الكلام الأول بأن الأقانيم الثلاثة واحد.

ويتبين من هذه المناظرة مدى التعارض في مثل ذلك المعتقد الفاسد الباطل.

مناظرة النصارى في ادعاء التثليث
يقال للنصارى:
إذا اعتقدتم أن الإله عبارة عن ثلاثة أقانيم، الإله الأب، والإله الابن، وروح القدس، وأنهم في جوهر واحد:

فهل ذلك الذي قد ادعيتموه -من أن الأب الإله ثلاثة أقانيم في جوهر واحد- كان مَعْرِفته عن طريق التوقيف والسماع أم عن طريق المعقول والقياس؟!
فإن قالوا: أخذناه من التوقيف من نص الأناجيل.
يقال لهم: إذن كان يلزمكم ألا تختلفوا في ذلك؛ لأن النصوص لا يختلف فيها أحد ممن يعتقد ذلك.
وإن قالوا: أخذناه عن طريق المعقول والقياس.
يقال لهم: إذن فما الذي يوجب أن يكون إلهكم المزعوم ثلاثة أقانيم، دون أن يكون أكثر من ذلك؟! فما الذي يوجب حصره في ثلاثة؟!
هل كان ذلك بضرورة العقل؟! أم بنظر العقل؟!
فإن قالوا: بضرورة العقل.
يقال لهم: إذن فيلزمكم ألا يختلف فيه العقلاء، ولكن قولكم مُناقض لضرورة العقل، حيث تجعلون الثلاثة واحدًا.
وإن قالوا: بنظر العقل.
يقال لهم: أي دليل يرشد إليه؟ وأي برهان يقوم عليه؟!
أينحصر الواحد في ثلاث، أو الثلاث في واحد؟!
بل الواحد يُناقض التعدد، فلا يمكن أن يكون الواحد اثنان أو ثلاثة أو...
وما أجهلكم بطريقة الحساب، فمن غلط في أول مرتبة من الحساب، فلأن يغلط فيما زاد عليها أولى.

يظهر لنا من هذه المناظرة عِظم كُفر هؤلاء النصارى، ويتبين أن شركهم أعظم من شرك المجوس ذاتهم، فغاية المجوس ذاتهم: ادَّعاء إلهين اثنين: نور وظلمة، وهؤلاء النصارى يدعون ثلاثة.

رد آخر بالفطرة:
في سفارة الباقلاني إلى ملك الروم، دخل القاضي أبو بكر ذات مرة على الملك، فرأى عنده بعض بطارقته ورهبانيته، فقال مستهزئًا بهم: كيف أنت وكيف الأهل والأولاد؟

فتعجب الرومي منه، وقال له: ذكر من أرسلك في كتاب الرسالة: أنك لسان أهل الأرض، ومُتقدم على علماء الأمة، أما عَلِمت أنا نُنَزه هؤلاء عن الأهل والأولاد؟! فقال القاضي أبو بكر: أنتم لا تُنزهون الله سبحانه عن الأهل والأولاد وتنزهونهم!!
لذلك فما أسوأ فطرتهم التي قد بُدِّلت وغُيِّرت من التوحيد إلى عظيم الكفر والشرك.

مناظرة في ادعاء النصارى لأسطورة التجسد

التجسُّد في اعتقاد النصارى:
هو زعمهم بأن الله لما رحم عباده وأشفق عليهم، ألقى كلمته إلى مريم البتول، فتجسَّدت الكلمة في جوفها، فخرج منها إله تام من إله تام، كما يفترون ويكذبون.

فيقال لهم:
هل الكلمة التي ألقاها الإله إلى مريم البتول، وتجسدت في جوفها، فخرج منه إله تام –على حد زعمهم- هي نفس جوهر الألوهية أم أن تلك الكلمة زائدة عليه؟

فإن قالوا: هي الجوهر.
يُقال لهم: إذن قولوا: ألقى نفسه ولا تقولوا كلمته؛ توبيخًا لهم واستنكارًا لافتراءاتهم.

وإن قالوا: بأن الكلمة مزيدة على الجوهر.
يُقال لهم: هل فارقت الجوهر أم لم تُفارقه؟
فإن قالوا: فارقته.
يُقال لهم: إذن يلزمكم أن تقولوا بتغير جوهر الألوهية؛ لأنها إذا فارقته لم يتصف الإله حينئذ بأقنوم العلم بعد أن كان متصفًا له.

وإن قالوا: لم تُفارقه.
يُقال لهم: إذن يستحيل أن تحل الكلمة في مريم مع اختصاصها به؛ لأن الواحد لا يحل في اثنين، وذلك مجاراة لافتراءاتهم تفنيدًا لما يدعونه من أكاذيب وأساطير وأوهام.

مناظرة في ادعاء النصارى للفداء
كما أشرنا، يعتقد النصارى أن الرب تجسد في المسيح ليُهان ويُصلب ويُقتل من أجل تطهير وإنقاذ البشرية من خطيئة أبيهم آدم –وهي أكله من الشجرة- والتي توارثتها الأجيال بما فيهم الأنبياء والصالحين، وأيضًا المسيح قبل صلبه.

فيُقال لهم: من العجب أن ذلك الإله بعد أن فعل بنفسه من الذُّل والهوان ما وصفتم، من أجل تخليصكم من الخطايا والذنوب ومن آفات الدنيا، ما نراه خلَّصكم.
بل أنتم باقون على ما كنتم عليه من طبع البشر، تحيون وتعصون وترتكبون المُحرَّمات وتَقْتلون وتُقتلون وتموتون، ويجري عليكم ما يجري على جميع بني آدم.

فأي خلاص مُفترى مزعوم، تدعونه لكم؟!

فماذا عن الخلق الذين جاءوا بعد ذلك الفداء الموهوم؟!
وماذا عن سائر المعاصي والذنوب والفواحش التي ترتكبونها، لا سيما في أوقات أعيادكمن المُزيفة، وفي دور عبادتكم المُتخذة كغطاء لنشر الزنا والبلا والفواحش؟! أعاذنا الله من إفك النصارى وبُهتهم.

مناظرة النصارى في ادعاء صلب الإله
كما أشرنا، فإن النصارى يعتقدون أن المسيح قد صُلب وقُتل.
فيقال لهم: إما أن يكون ذلك الصلب والقتل ضلالًا، وإما أن يكون هُدى.
ومن المُحال أن تقولوا بأن ذلك الصلب هُدى، حيث إنكم تُكفرون من فعل ذلك وتُضللونهم، ولأجل ذلك الفعل –في زعمكم- حاق الغضب وحاقت اللعنة على اليهود.

إذن: فلم يبق إلا أن يكون ضلالا.
وإذا كان ذلك فقد لزمكم أن إلهكم فعل الضلال، ونَصَصْتُم بذلك في كتبكم.
وما ذلك الفساد والخلل في مثل تلك العقيدة إلا لذهاب عقولهم وجهلم بما في كتبهم.

موجز من مناظرة أخرى للنصارى في ادعائهم لصلب الإله

يُقال للنصارى
 أنتم مدحتم شريعتكم بأنها مبنية على العفو والصفح، ومع ذلك تأبون أن يكون الله قد عفا عن آدم حين أكل من الشجرة، حتى إنكم تُغالون وتفترون في ذلك الادعاء وتقولون: بأن جميع بني آدم كانوا مرتهنين بمعصية أبيهم آدم حتى فداهم المسيح بنفسه، رغم زعمكم ألوهيته.

فلم تتصوروا عفو إلهكم حتى انتقم من إله مثله وهو الابن الإله.
تعالى الله وتقدس عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.

فها هو ذاك منتهى التناقض في مثل تلك العقيدة الخبيثة، والذي لا يخفى –التناقض في عقيدة النصارى- على سوي ونقي الفطرة، صحيح وسليم العقل.

ونخلص من ذلك كله:
أنه لم يُعظّم الله سبحانه وتعالى حق التعظيم إلا في الشريعة التي جاء بها رسوله الخاتم محمد صل الله علية وسلم في ذاته وصفاته وأفعاله عن كل ما هو نقص وذم وعيب، وعن ما لا تقبله الفطرة السوية، وعن ما لا يقبله العقل السليم.

لذلك:
لماذا لا نطبق (الامتحان الحاسم) كما ذكره الشيخ أحمد ديدات فقال: إلى أتباع عيسى ابن مريم عليه السلام أقول: لماذا لا نُطبق الامتحان الحاسم الذي أراده عيسى عليه السلام منكم أن تطبقوه على أي شخص يدعى النبوة. (إذا كان نبيًّا بصدق أم لا)،

ال المسيح ابن مريم عليه السلام: [من ثمارهم تعرفونهم، أيُثمر الشوك عنبًا، أم العليق تينًا؟!

كل شجرة جيدة تحمل ثمرًا جيدًا، وكل شجرة رديئة تحمل ثمرًا رديئًا، فما من شجرة جيدة تحمل ثمرًا رديئًا، وما من شجرة رديئة تحمل ثمرًا جيدًا] [متى: 7: 20].

ويقول الشيخ رحمه الله: لماذا تهابون من تطبيق هذا الامتحـان على تعاليم نبي الله محمد صل الله علية وسلم ؟ فإننا نجد في القرآن الكريم رسالة كاملة مُتممة لما جاء به موسى وعيسى عليهما السلام، ثم استشهد بكتابهم أنفسهم... 
ومنها قول برناردشو:
لو أن شخصًا مثل محمد صل الله علية وسلم تولى الحُكم المطلق للعالم لاستطاع أن يُعالج مشاكل العالم ويُوفر له السلام والسعادة؛ لأن العالم في أمس الحاجة لهما...، وغيره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق