الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

عقيدة التثليث فاشلة لأنها عقيدة متأخرة عن كتابة الأناجيل



عقيدة التثليث فاشلة لأنها عقيدة متأخرة عن كتابة الأناجيل
♦النصارى يقولون بالأقانيم الثلاثة، وهو قولهم:
 طبيعة الله عبارة عن ثلاثة أقانيم متساوية: الله الأب, الله الابن, الله روح القدس. ويعبرون عن ذلك بقولهم: الله واحد, وهو ثلاثة أقانيم متساوية, وهذا إما على الاستقلال الذاتي لكل أقنوم أو حلول أقنوم الأب على الأقنومين الآخرين, أو اتحاده بهما, أو انبثاق الأقنومين من الأب، وسواء قالوا بالاستقلال أو الحلول, أو بالاتحاد فكل هذا فاسد وباطل ولا سند لهم فيه في كتابهم المقدس بعهديه القديم والجديد.
إذاً فمحاولات النصارى في الاستدلال لعقيدة التثليث باءت بالفشل, لأنها عقيدة متأخرة عن كتابة الأناجيل, ولم تكن معروفة عند الأجيال التي عاشت مع المسيح عليه السلام أو مع حوارييه وتلاميذه, كما أنّ العهد القديم لم يعرف هذه العقيدة إطلاقاً. فإذا اعتبرنا أنّ الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد, والقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة أدلة نقلية على بطلان عقيدة التثليث.
فسنرى في هذا المقال كيف أنّ هذه العقيدة تهاوت وسقطت أمام الأدلة العقلية وقبل أن نخوض في ذكر هذه الأدلة نذكر أقوالاً لبعض العقلاء يوضحون رأيهم في هذه العقيدة,
ومن هؤلاء أحد ملوك الهند حيث ذُكرت له الملل الثلاث:
اليهودية, النصرانية والإسلام فقال:
♥"أما النصارى,
 فإن كان مناصبوهم من أهل الملل يجاهدونهم بحكم شرعي, فلقد أرى ذلك بحكم عقلي, وإن كنا لم نر بحكم عقولنا قتالاً(1), ولكن استثنى هؤلاء القوم من جميع العالم, فإنهم قصدوا مضادة العقل, وناصبوه العداوة, واستحلوا بيت الاستحالات, مع أنهم حادوا عن المسلك الذي انتهجه غيرهم من أهل الشرائع, وقد كان لهم فيهم كفاية, ولكنهم شذوا عن جميع مناهج العالم الشرعية الصالحة, العقلية الواضحة, واعتقدوا كل مستحيل ممكناً, فلم يعرف عنهم شيء, وبنوا من ذلك شرعاً لا يؤدي البتة إلى إصلاح نوع من أنواع العالم, إلا أنه يصير العاقل إذا تشربه أخرق أحمق, والمرشد سفيهاً, والمحسن مسيئاً. لأنّ من كان في أصل عقيدته, التي نشأ عليها الإساءة إلى الخالق والنيل منه بوصفه بغير صفاته الحسنى, فخليق به أن يستحل الإساءة إلى كل مخلوق, وكذلك ما بلغنا عنهم في خلقهم من جهل وضعف العقل والطمع, والبخل, ومهانة النفس, وخساسة الهمة والقدر, وقلة الحياء إلا قليلاً منهم. فلو لم يجب مجاهدة هؤلاء القوم إلا لعموم أضرارهم التي لا تحصى لكفى..."(2).
وبدلاً من أن يثوب هؤلاء إلى رشدهم ويحكموا عقولهم.
♦فإنا نجد كنيستهم تعترف باستحالة التوفيق بين الإيمان بثلاث ذوات إلهية مع وحدانية الرب, فهي مع هذا تعلن:
 أنّ مبدأ الثالوث هو السر الأعظم الذي يتعين أن يؤمن به كل نصراني إيماناَ أعمى, ومن هذا المنطلق طفق علماؤهم يرددون رأي كنيستهم ويعلنونه ويدعون إليه,
♦ ومن أمثلة أقوالهم هذه ما قاله القس ج.ف.دي جرون في كتابه (تعاليم الكاثوليكية):
 "إنّ الثالوث المقدس هو سر الأسرار بكل معنى الكلمة, العقل وحده لا يستطيع إثبات وجود الثلاثة في إله واحد, لكن الوحي علمنا إياه(3), وحتى بعد أن عرفنا بوجود سر الأسرار؛ فإنه يستحيل على العقل البشري أن يفهم كيف تتحد ثلاث ذوات في طبيعة إلهية واحدة"(4).
ولكن مع شرود هؤلاء القوم وهروبهم عن مواجهة عقولهم، كان لا بد من محاصرة جحودهم ومخاطبة نفوسهم؛ عسى أن يرجعوا عما هم فيه من المكابرة والمعاندة والاستعلاء، ومن هذا المنطلق نرى ضرورة سوق بعض الأدلة العقلية والبراهين المنطقية التي تدل على بطلان هذه العقيدة التثليثية، وتبين تناقضها.
♥وإليك جملة من هذه الأدلة العقلية:
تدّعي النصارى بأنّ اللاهوت قد حل في الناسوت ثم انبثق منهما إله ثالث هو الروح القدس, بمعنى أنّ صفات الله تعالى انتقلت إلى غيره, وهذا فاسد, لأنّ الانتقال لا يتصور من الصفات إذ هو من خواص الأجسام, هذا من ناحية, وفي الناحية الأخرى فإنه بعد انتقال الصفة من الإله يصبح ناقصاً, والذي انتقلت إليه الصفة لا يكون كاملاً وإنما هو بعض إله, وعلى زعمهم هذا يلزم عدم وجود إله كامل أصلاً, وبما أنهم يقولون بإله واحد, واجب الوجود, قائم بذاته, يلزمهم وحدانية الله تعالى وتفرده وبطلان ما ادعوه من إلهية عيسى عليه السلام والروح القدس, وبالتالي يبطل ثالثوهم الأقدس كما يقولون.
♦تقول النصارى بأنّ الله واحد ذو ثلاثة أقانيم:
 أب, وابن, وروح القدس, فيرد عليهم السؤال:
هل هذه الأقانيم الثلاثة كلها واجبة الوجود ـ أي أزلية ـ وهي مع ذلك شيء واحد؟
فإن كانت إجابتهم بنعم, فكيف استحق أن يختص كل واحد منهم باسم يمتاز به عنهما,
فجعلتم الأول أباً, والثاني ابناً, والثالث روح القدس, وأنتم تقولون إنّ الثلاثة واحد وإنّ كل واحد منهما هو الآخر, فالأب هو الابن, والابن هو الأب, وهما روح القدس, وهو ليس سواهما؟ فهذا خلط لا يقبله عقل(5).
♦وقولهم إنّ الثلاثة واحد والواحد ثلاثة باطل, لأنّ الثلاثة التي تجمع الزوج والفرد هي غير الثلاثة التي عندهم بلا شك, لأنّ الثلاثة التي تجمع الفرد والزوج ليست الفرد الذي هو فيها, وهي جامعة له ولغيره بل ذلك الفرد بعض لها وهي كل له ولغيره والباري تعالى لا كل له ولا بعض والكل ليس هو الجزء, والجزء ليس هو الكل, والفرد جزء للثلاثة, والثلاثة كل للفرد وللزوج معه, فالفرد غير الثلاثة, والثلاثة غير الفرد, والعدد مركب من واحد يراد به الفرد, وواحد كذلك, وواحد كذلك إلى نهاية العدد المنطوق به, فالعدد ليس الواحد, والواحد ليس هو العدد لكن العدد مركب من الآحاد التي هي الأفراد, وهكذا كل مركب من أجزاء, فلذلك المركب ليس هو جزء من أجزائه كالكلام الذي هو مركب من حرف حتى يقوم المعنى المعبر عنه, فالكلام ليس هو الحرف, والحرف ليس هو الكلام(6), وبهذا بطل الثالوث. :)
♦يقول أهل التثليث كلاهما حقيقي, فإذا عُلم هذا, فليفهموا أنّ التثليث الحقيقي يوجب الكثرة الحقيقية أيضاً, فإذا ثبت هذا فإنه ينتفي معه التوحيد الحقيقي وإلا لزم اجتماع الضدين وهو محال عقلاً, وعليه فإنّ أهل التثليث غير موحدين.
♥يقول القرافي ـ رحمه الله ـ في رده على أهل التثليث:
 "وإن قلتم الجميع ـ أي الأب والابن والروح القدس ـ إله واحد وكل منهم يستقل بالإلهية, فقد خالفتم ما تقدم من الأمانة والصلوات,
♥ففي الأمانة:
♦أنّ المسيح إله حق, أتقن العوالم بيده, وخلق كل شيء, وأنه نزل من السماء لخلاص الناس, والذي نزل من السماء إنما هو أقنوم الابن وحده.
♥وإن قلتم إنّ كل واحد من الثلاثة إله, ومجموعها إله واحد,
♦فنقول لهم:
الإله يُتصوّر عندكم بدون صفات الكمال من الحياة, والعلم, و الكمال, أم لا؟ فإن زعموا تَصوّر ذلك, فكل جماد في العالم, أو نبات, أو حيوان هو إله مستقل لاقتصارهم حينئذٍ على مجرد ذات المفهوم من الإله,
 فيكون حمار الأسقف إلهاً له, J  وكذلك جميع حشرات بيته, بل نعله الذي في رجل,
♥ وإن قالوا: لا بد من هذه الصفات في مفهوم الإله, لزمهم أن يكون لكل واحد من الثلاثة علم وحياة وكلام, التي هي عندهم الأقانيم الثلاثة, فيصير التثليث تتسيعاً, ويلزمهم أن يكون كل واحد منهم مساوٍ لكل واحد من الثلاثة الأول, فيحتاج كل واحد من التسعة إلى صفات ثلاث, لأنه حينئذٍ إله, فيلزمه التسلسل وآلهة غير متناهية ومجودات ليس لها غاية, وهذا محال كله, فهم حينئذٍ لا يقدرون على تصوير مذهبهم أصلاً"(7).
♥يدعي النصارى بأنه عز وجل واجب الوجود, ووجوده من ذاته ولا يحتاج إلى غيره, ويزعمون بأنه واحد ليس كمثله شيء, وأنه ذات غير مركبة من أجزاء سواءً كانت مادية أو مجردة, مع هذا يزعمون أنّ المسيح إله تام.
وهذا محال لأنّ الله عز وجل واجب الوجود قائم بنفسه تام القدرة والمشيئة والعلم تماماً مطلقاً وكامل كمالاً مطلقاً بحيث يتحتم نفي كل مثيل أو شبيه أو شريك, وهذا يعني وحدانيته المطلقة التي تنافي الشرك والتثليث.
♥يقول يوسف رياض:
موضحاً عقيدة النصارى في الأقانيم الثلاثة:
 "كلمة أقنوم, وهي ليست كلمة عربية, بل سريانية تدل على من له تميز عن سواه, وبغير انفصال عنه, وهكذا أقانيم اللاهوت, فكل أقنوم مع أنّ له تميز عن الأقنومين الآخرين, لكنه غير منفصل عنهما"(8).
♥ويَرِد على هذا النصراني المثلِّث السؤال التالي:
هل هذا الامتياز بين الأقانيم قد وقع بسبب صفة كمال أم لا؟
 فإنّ قال قد وقع بصفة كمال, أدى هذا إلى النقص بين هذه الأقانيم الثلاثة, وعليه فإنها ليست آلهة لنقص بعض صفات الكمال فيها، وذلك لأن صفة الكمال التي عند الأب لا توجد عند الابن والروح القدس وكذلك ما وجدت عند الابن خلا منها الأقنومان الآخران وكذلك الحال بالنسبة لأقنوم الروح القدس، وإلاّ لم يحصل التمايز، وفي كلا الحالتين يبطل التثليث
♦وخصوصاً إذا علمنا أن النصارى تقول:
 إن كل أقنوم يشتمل على جميع صفات الكمال، وكفى بهذا بطلاناً.
♥يقول الشيخ رحمة الله الهندي ـ رحمه الله ـ في هذا الصدد:
"إذا تبين الامتياز الحقيقي بين الأقانيم فالأمر الذي حصل به هذا الامتياز، إما أن يكون من صفات الكمال أو لا يكون، فعلى الشق الأول لم تكن جميع صفات الكمال مشتركاً فيها بينهم، وهو خلاف ما تقرر عندهم أنه كل أقنوم من هذه الأقانيم متصف بجميع صفات الكمال، وعلى الشق التالي فالموصوف به يكون موصوفاً بصفة ليست من صفات الكمال، وهذا نقصان يجب تنزيه الله عنه".
♥تقول النصارى بأن يسوع إله وإنه أحد الأقانيم الثلاثة التي تكوّن جوهر إلههم،
ومع هذا ورد عنه في إنجيلهم أنه تلحقه الأعراض البشرية كالنوم والجوع والعطش والخوف الأكل والعرق غير ذلك بما فاض به الإنجيل، وهذه الأعراض لم تلحق الأقنومين الآخرين، فكيف يكون مساوٍ لهما وقد لحقه ما لم يلحقهما؟
فإن قلتم إن نصفه إله تام، ونصفه الآخر ليس إله، يلزمكم عبادة نصفه فقط، ويلزم أن يكون نصفه معبوداً للنصف الآخر وأنه خالقه،
فإن أبيتم فإنكم تعبدون غير الله، وعليه فثالوثكم الذي تعبدون قد أنهدم وتفرق.
♥أثبتت الأناجيل الثلاثة (متى، ولوقا، ويوحنا) نسب المسيح- عليه السلام-
وإن نسبه هذا يبدأ فيه بالمسيح، ثم يوسف المدعو يوسف النجار، وينتهي بداود- عليه السلام- ثم إبراهيم الخليل، فكيف يرضى مسيحي يؤمن بالمسيح أن يَردد مثل هذا الكلام أو يتفوه به،...
♦فهل المسيح ابن يوسف؟
وإذا كان معلوماً أن السيدة مريم لم تكن مقترنة أو متزوجة بيوسف النجار فكيف أصبح يوسف أباَ للمسيح،
 وكيف أصرت الأناجيل في جميع أنسابها وعلى اختلاف طرقها وأساليبها على هذه القصة المشتركة من أن المسيح ابن يوسف(9).
ومن هذا المنطلق "اعترافهم بكل ما جاء في الأناجيل وتقديسهم لهذه النصوص، فإنه يلزمهم من ذكر هذا النسب من جهة يوسف- مع أنهم يغفلون تماماَ نسب عيسى من جهة أمه- أمران:
♦الأول: أن عيسى ابن الإنسان وليس- كزعمهم- إلهاً أو ابن إله، وإلا ما كان له نسب إلى البشر.
♦الثاني: إن عيسى ابن يوسف النجار حملت به مريم سفاحاً، وهذا تأكيد لافتراءات اليهود وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً"(10).
فإذا ثبت بمنطوق كلامهم أن عيسى ابن إنسان وأنه ليس إله ولا ابن إله، سقط أحد أقانيمهم عن رتبة الألوهية مما يستدعي بطلان ثالوثهم.
♦♦ذكرنا سابقاً أن عقيدة التثليث ليس لها سند من الكتاب المقدس بل العكس, فإن الكتاب المقدس قد صرح بوحدانية الله تعالى وتفرده، ونفي الشريك عنه،
♦كما علِمنا أيضاَ أن التثليث عقيدة وضعتها المجامع المسكونية التي تحكّم فيها الأباطرة والقساوسة بأهوائهم وأمزجتهم والرد عليهم من خلال هذا السياق أنه لا يصح في منطق العقل والشرع أن تكون أمور العقائد من وضع وصياغة البشر الذين لا يَوحى إليهم، لأن مسائل العقيدة يقررها الله وحده أو الرسل الذين أوحى إليهم و أُذن لهم بذلك.
♦♦يعتقد النصارى بأن الله جوهر ذو ثلاثة أقانيم، وهو ما يدعونه (وحدة في تثليث أو تثليث في وحدة)(11)، ومع ذلك يقولون بأنّ كل أقنوم من هذه الأقانيم الثلاثة متميز تميزاَ تاماً عن الأقنومين الآخرين، لحد يدعون معه أن كل أقنوم منهم إلـه في حد ذاته، فكيف يعقل بأن يتحد جوهر الإله في ثالوث هو ثلاثة جواهر متميزة تماماً عن بعضها، وكيف يعقل بأن يَثلّث الجوهر المتميز عن الآخرين في إلـهِ واحد الجوهر.
♥وعلى ادعاء النصارى هذا يردّ الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله
♦ـ بقوله: قد صرّحتم في وثيقة الأمانة بإثبات إلـه حق، وأنه مساوٍ للأب في الجوهر، وهذا تصريح بإثبات جوهر ثانٍ، لا إثبات صفةِ...أمّا قولكم هذا بمنزلة قولك: "زيد الطبيب الحاسب الكاتب"... وقد يفسرون هذا الأقنوم بهذا، فيقولون هو الذات مع الصفة، فالذات مع كل صفة أقنوم فعبارات الأقنوم ثلاثة، لأن هذا المثال لا يطابق قولكم، فإن زيداَ هنا جوهر واحد له صفات الطب والحساب والكتابة، وليس هنا ثلاثة جواهر، ولكن لكل صفة حكم ليس للأخرى ولا يقول عاقل: "إنّ الصفة مساوية للموصوف في الجوهر، ولا أنّ الذات مع هذه الصفة تساوي الذات مع الصفة الأخرى في الجوهر، لأنّ الذات واحدة، والمساوي ليس هو المساوي"(12).
♥وزعم النصارى أن هذه الأقانيم اتحدت في إلـه واحد وجوهر واحد،
♦ فإنه يُرَدُ عليهم بأنّ هذا الاتحاد يوجب صوراً ثلاثاً لا محالة وهي: أن تكون هذه الثلاثة أقانيم موجودة، أو تكون معدومة، أو تكون موجودة معدومة، فالصورة الأولى مستحيلة لأن الثلاثة لا تصير واحداً والصورة الثانية نفت وجود إلـهٍ أصلاً، أمّا الثالثة فتخالف العقل السليم لأن الوجود والعدم لا يتحدان أبداً، وعلى هذا فقولهم بالتثليث باطل.
♥يقول النصارى في أمانتهم عن المسيح:
♦ "وصلب ودفن، وقام في اليوم الثالث،وصعد إلى السماء وجلس عن يمين أبيه"(13).
فالجالس عن يمين صاحبه، يعني انفصاله عنه، وهذا يخالف قولكم بأنّه إله واحد وجوهر واحد، وعليه يلزمكم بأن عيسى لا يكون إلـهاَ لأنه منفصل عن الذات الإلهية، وبهذا يبطل ثالوثكم لانهدام أقنومه الثاني وهو أقنوم الابن.
وبعد فقد ثبت بالأدلة النقلية والعقلية القطعية بطلان عقيدة التثليث، وثبوت الوحدانية لله تعالى، وعليه فإذا وُجِد دليل قولي للنصارى دالاً في ظاهره على التثليث، يجب تأويله حتى يوافق صريح النقل والعقل، وذلك لأنه لا يخلو أمّا أن نعمل بالأدلة النقلية والعقلية القطعية والدليل الظني للنصارى معاً، وإمّا أن نسقطهما معاً، وإمّا أن نرجح العقل على النقل، فالأول باطل قطعاً إلا لزم كون الشيء الواحد ممتنعاً وغير ممتنع، والثاني محال وإلا لزم ارتفاع النقيضين، والثالث ايضاً لأن العقل أصل النقل فصحة النقل تتوقف على إثباتها لله تعالى بعلمه وقدرته وأنه أرسل رسله بالحق، وثبوت ذلك بالدليل العقلي لأن القدح في العقل قدح في النقل والعقل معاَ، ولذا نلزم بالقطع بصحة العقل نلجأ إلى تأويل النقل.
ويقول أبو الفضائل المالكي:

إذا ما النقل خالف حكم عقل
نأوله، فنكسبه رجوعا
لأن العقل أصل النقل مهما
يخالف أصله سقطا جميعا(14)

وأخيراً ، النصارى يعتقدون أن المسيح أله وأنه صلب على يد اليهود، فكيف يستقيم صلب إله على يد مخلوقين،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق