الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

7-التناقض والاختلاف في أمر الصفح والغفران هل نصفح ونغفر أم نجاهد ونغلظ ؟



7-التناقض والاختلاف في أمر الصفح والغفران هل نصفح ونغفر أم نجاهد ونغلظ ؟
الشبهة:
الصفح والغفرآن جميل
جاهد الكفار والمنافقين وإغلظ عليهم
- إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَا صْفَحِ الصَّفْحَ الجَمِيلَ (سورة الحِجر 15: 85).
- يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ (سورة التوبة 9: 73).


الرد على الشبهة:
قال تعالى: "وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86) وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ (87) لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90)" الحجرات.
إن هذه الآية تخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الساعة آتية وأن عليه بالصفح عن  قومه والعفو عنهم وهم  مشركي  قريش، وقال أهل  التأويل أن هذه الآية منسوخة بآيات السيف والقتال، قال مجاهد وقتادة وغيرهما: كان هذا قبل القتال، فإن هذه مكية والقتال إنما شرع بعد الهجرة. كما ذكر ذلك علماء التفسير كالطبري والقرطبي وابن كثير والشوكاني وغيرهم وآيات القتال هي، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)" التوبة، وقبل الحديث عن هذه الآية ، أحب  أن أتكلم  عن الآية 85 من سورة الحجرات ، قال تعالى: "وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)" الحجرات، فاصفح الصفح الجميل : أي تجاوز عنهم واعف عفواً حسناً، وقيل فأعرض عنهم إعراضاً جميلاً ولا تعجل عليهم، وعاملهم معاملة الصفوح الحليم، أقول إن من صفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه مبعوث رحمة  للعالمين، ومن مكارم الأخلاق أن يصبر على أذيتهم وأن الله سوف يجعل لك شأنا يا محمد وبعده اصفح عنهم وتجاوز عن إساءتهم لك، وهذا ما حدث فعلا فالنبي صلى الله عليه وسلم، صبرعلى أذية قريش وعندما أتت الغلبة له عفا عنهم وأطلقهم في الحادثة الشهيرة في كتب السيرة.
قال محمد بن إسحاق فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله قام على باب الكعبة فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو موضوع تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها يا معشر قريش إن الله قد اذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء الناس من آدم وآدم من تراب ثم تلا هذه الآية يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية كلها ثم قال يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء (البداية والنهاية لابن كثير).
هكذا ذكر القصة ابن إسحاق والطبري في تاريخه وابن حبان وابن هشام وغيرهم وقد  جاءت كذلك في سنن البيهقي الكبرى، فكان الصفح عنهم في فتح مكة وغيرها من المواقع، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد على الكفار أو أتباع الأديان الأخرى، لما رأينا النبي صلى الله عليه وسلم يموت ودرعه مرهونة عند يهودي، لما رأينا  يهود مازالوا إلى اليوم في  اليمن لما رأينا يهود في المغرب والعراق ومصر وفلسطين، لما رأينا مجوس وصابئة وهندوس وبوذيين في بلاد المشرق الإسلامي، لما رأينا مسيحيين في مصر والشام والعراق وشمال إفريقيا، لما رأينكم أنتم يا نصارى العرب تبنون كنائسكم وتقيمون طقوسكم وترفعون الصليب في  بلاد الإسلام.
إن فضل هذا كله يعود لذلك النبي الذي ما فتئتم تشتمونه  وتتهمونه بالقتل وإقامة السيف. محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة بأبي وأمي هو أفديه ما حييت، أما قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)" التوبة.
فهذه الآية  صريحة أن تجاهد أعداء الله عندما يتسلطوا ويحكموا ويطغوا على عباده، فهاهم اليهود في اليمن لا نؤذيهم ولهم كل الحقوق، ولكن دولة إسرائيل المغتصبة للأرض هل  نعفو عنها وهي تقتل الأطفال أم نجاهدها بل نجاهدها لدرء ظلمها عن المساكين، ألم تأتي أمريكا لمحاربة نظام صدام لتحرير العراق من ظلمه كما يزعمون، أم لكم حلال ولنا حرام يا نصارى. إن النصارى يعيشون بيننا بسلام ولكن عندما أتى الصليبيون من وراء البحار كان الجهاد أولى من الصفح، وهكذا لجميع المخالفين لنا، إن كانوا يريدون السلام فلنعف ولنصفح  وإن كانوا يريدون الحرب والظلم  فليكن الجهاد، فهو ليس تناقض بل إن التعامل مع الكفار أمثالكم إما الصفح عندما تعتذرواعما بدر منكم وتريدون السلام، وإما الجهاد عندما  ترمون الناس بالحجارة ومنازلكم كلها من زجاجة خاوية، وهل تناقض أن أقول أنني رحيما بالمساكين  ومجاهدا للظالمين!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق