الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

4- التناقض والاختلاف حول الشفاعة: هل الشفاعة لله فقط أم لمن أذن له من بني البشر؟



4- التناقض والاختلاف حول الشفاعة: هل الشفاعة لله فقط أم لمن أذن له من بني البشر؟
الشبهة:
الشفاعة لله وحده
الله يأذن لأشخاص ستشفع
- "قُلْ لِلهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعا لهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " (سورة الزمر 39: 44).
- "اللهُ الذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَمَا بينهما فِي سَتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ مَالكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ " (سورة السجدة 32: 4).
- "إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَا عْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ " (سورة يونس 10: 3)..  يعنى أن الله سيأذن لأشخاص آخرين بالتشفع عن البشر .

الرد على الشبهة:
قال تعالى "أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44)" الزمر.
"أَمِ اتّخَذُواْ مِن دُونِ اللّهِ شُفَعَآءَ قُلْ أَوَلَوْ كَـانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ * قُل لِلّهِ الشّفَاعَةُ جَمِيعاً لّهُ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرض ثُمّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَإِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزّتْ قُلُوبُ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ". يقول تعالى ذاماً للمشركين في اتخاذهم شفعاء من دون الله وهم الأصنام والأنداد التي اتخذوها من تلقاء أنفسهم بلا دليل ولا برهان حداهم على ذلك وهي لا تملك شيئاً من الأمر بل وليس لها عقل تعقل به ولا سمع تسمع به ولا بصر تبصر به بل هي جمادات أسوأ من الحيوان بكثير، ثم قال: قل أي يا محمد لهؤلاء الزاعمين أن ما اتخذوه من شفعاء لهم عند الله تعالى أخبرهم أن الشفاعة لا تنفع عند الله إلا لمن ارتضاه  وأذن له فمرجعها كلها إليه "من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه" "له ملك السموات والأرض" أي هو المتصرف في جميع ذلك "ثم إليه ترجعون" أي يوم القيامة فيحكم بينكم بعدله ويجزي كلاً بعمله ،  ثم قال تعالى ذاماً للمشركين أيضاً: "وإذا ذكر الله وحده" أي إذا قيل لا إله إلا الله وحده "اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالاَخرة" قال مجاهد اشمأزت انقبضت وقال السدي نفرت وقال قتادة كفرت واستكبرت وقال مالك عن زيد بن أسلم استكبرت كما قال تعالى: "إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون" أي عن المتابعة والانقياد لها فقلوبهم لا تقبل الخير ومن لم يقبل الخير يقبل الشر ولذلك.
قال الله تبارك تعالى: "وإذا ذكر الذين من دونه" أي من الأصنام والأنداد قال مجاهد "إذا هم يستبشرون" أي يفرحون ويسرون (راجع تفسير ابن كثير).
قال تعالى: "وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)" الأنعام. قال تعالى: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4)" السجدة. الآيات واضحات فالآية 44 سورة الزمر تقول "قل لله الشفاعة جميع" ،هل قال تعالى  لن أأذن لأحد بالتشفع حتى تناقض الآية 3 من سورة يونس، قال تعالى: "إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3)" يونس، فهل  ذكر أن  قال  الحق  جل  وعلى  لن  أأذن لأحد بالتشفع ، قال لله الشفاعة جميعا لأن الله هو أصلا صاحب الحق في التشفع أو  إعطاء أي أحد الحق في التشفع في الآخرة، والتشفع المذكور في جميع الآيات يخص يوم القيامة، فالآيات التي تنفي الشفاعة ترد على الذين يتوسلون بالأوثان والأولياء والرموز  وغيرها في الدنيا دون أذن الله، فالله وحده له الحق في إعطاء الشفاعة لمن شاء وليس من  للإنسان الحق في إعطاء حق الشفاعة لمن شاء، كبابا أو راهب أو أي مخلوق ضعيف لا يقدر على الدفاع عن نفسه.
هذه الآيات 51 من سورة الأنعام و 4 من سورة السجدة  تقول "لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ" "مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ"، أي ليس لكم من دون الله ولي أو شفيع، أي ليس لي الحق أن أتخذ ولي ولا شفيع من دون الله أو الرجوع اليه، فالله  وحده صاحب الحق من يحدد من هو شفيع أو ولي، فقد قال تعالى عن من يتخذ من نفسه ولي ويزكي نفسه من دون الله،"فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)" النجم، وبالتالي اتخاذ أي شخص شفيع من دون الله إثم عظيم، حتى النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبرنا وهو الصادق المصدوق أن شفاعته في الآخرة بعد إذن الله طبعا، قال تعالى: "إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3)" يونس، ولمن ارتضاه الله عز وجل، أما في الدنيا فقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن التوسل والتشفع في الدعاء بغير التوجه لله شرك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق