الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

3- التناقض والاختلاف حول مقدار اليوم الإلهي: هل اليوم عند الله ألف سنة أم 50 ألف سنة ؟



3- التناقض والاختلاف حول مقدار اليوم الإلهي: هل اليوم عند الله ألف سنة أم 50 ألف سنة ؟
الشبهة:
اليوم عند الله ألف سنة
اليوم عند الله 50 ألف سنة
- "يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إلى الأرض ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) (سورة السجدة(
- وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) (سورة الحج)
" تَعْرُجُ المَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَة (4) (سورة المعارج)

الرد على الشبهة:
أولا نقول أن الآيتان تختلفان من حيث المعنى والمضمون بحيث أنهما لا تتكلمان عن  نفس الموضوع حتى نقول أنهما متناقضتان.
فالآية 5 من سورة السجدة تتحدث عن تدبير الأمر الإلهي ومدته من السماء إلى الأرض وقد ذكرت كلمة مما تعدون فيها بينما لا توجد في الآية 4 من سورة المعارج وهذا اختلاف بين الآيتين.
فالله يقضي أمر ألف سنة على الأرض في مدة لا تساوي يوم واحد، والله قد قدر المقادير من قبل خلق الكون والحياة، قال تعالى: "أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1)" النحل، فأمر الله وقدره قد  قدر منذ خلقه  للخلق فلا نستعجله نحن لأننا مازلنا نعيش الحدث والقدر، ولهذا ما أتى في الآية 5 من سورة السجدة فأنه يتحدث عن تقدير الأمر المقدر من قبل الله جل وعلا وبتنفيذ الملائكة الكرام في كل وقت وحين.
قد يتسائل إنسان ويقول كيف قد قدر الأمور ومازال يقدر؟
 أقول لذلك مثال تبسيطي. نفرض أن مدير شركة خطط مشروع بالتفصيل وقدر كل مهمة من قبل تنفيذ هذا المشروع ويعلم كل دقائق هذا المشروع ويعلم كيف سوف يسير هذا المشروع وكان علم هذا المدير خارق بحيث يعلم غيب هذا المشروع وكيف سيكون إلى ما هنالك فهو الذي قدر لهذا المشروع وجوده ونهايته قبل إنشاءه (يماثل هذا المثال تقدير الله لخلق الكون قبل وجوده).
إن المشروع بدأ إنشاءه وكان هذا المدير يراقب وينفذ ويتحكم بدقة. لا خطأ في هذا  المشروع وكان رسل هذا المدير هم من يقومون بخدمة هذا المدير خلال الأزمان المختلفة في هذا المشروع وغيره وهو قادرعلى ذلك أيضا دون وجودهم (يماثل هذا المثال  تدبير الله لأمور الكون أثناء وجوده).
نعود للآية 5 من سورة السجدة والتي  تتحدث  عن  تدبير الله لأمور الدنيا والتي تعادل ألف سنة في يوم إلهي واحد، من السماء إلى الأرض والعودة في يوم واحد يعادل ألف سنة مما نعد ،أي كما قلنا فان الله جل وعلا  يقضي في  يوم واحد قضاء ألف سنة على الأرض. ففي  الحديث  الذي  رواه الترمذي  في سننه  وصححه الأمام الألباني: حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا عبد الأعلى حدثنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن ابن عباس قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في نفر من أصحابه إذ رمي بنجم فاستنار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنتم تقولون لمثل هذا في الجاهلية إذا رأيتموه ؟ قالوا كنا نقول يموت عظيم أو يولد عظيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يرمى به لموت أحد ولا لحياته ولكن ربنا عز وجل إذا قضى أمرا سبح له حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم ثم الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح إلى هذه السماء ثم سأل أهل السماء السادسة أهل السماء السابعة ماذا قال ربكم ؟ قال فيخبرونهم ثم يستخبر أهل كل سماء حتى يبلغ الخبر أهل السماء الدنيا ويختطف الشياطين السمع فيرمون فيقذفونها إلى أوليائهم فما جاءوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يحرفون ويزيدون.
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روي هذا الحديث عن الزهري عن علي بن الحسين عن ابن عباس عن رجال من الأنصار قالوا كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه بمعناه حدثنا بذلك الحسين بن حريث حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي .قال الشيخ الألباني: صحيح.
أما  قوله تعالى "تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)(المعارج)، فإن  هذه الآية  تتحدث  عن  يوم يساوي خمسين ألف  سنة  ليست مما نعد، قد تكون سنة كونية مجرية غير ذلك والله أعلم ، فمن  تخص  هذه  الآية؟ تخص أرواح البشر  والملائكة الموكلين بهم  بعد الممات، وقد يقول قائل كيف جزمت أن الروح هنا معناها روح الميت بالرغم من أن أغلب المفسرين يقولون جبريل، فهذا الطبري في  تفسيره  يقول، وقوله: تَعْرُجُ المَلائِكَةُ وَالرّوحُ إلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ يقول تعالى ذكره: تصعد الملائكة والروح، وهو جبريل عليه السلام. فأقول أيضا ذكر المفسرون أن الروح  معناها هنا روح الموتى، فها هو ابن كثير يقول، ويحتمل أن يكون اسم جنس لأرواح بني آدم فإنها إذا قبضت يصعد بها إلى السماء.
كما دل عليه حديث البراء، وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث المنهال عن زاذان عن البراء مرفوعاً الحديث بطوله في قبض الروح الطيبة قال فيه: «فلا يزال يصعد بها من سماء إلى سماء حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله» والله أعلم بصحته، فقد تكلم في بعض رواته ولكنه مشهور، وله شاهد في حديث أبي هريرة فيما تقدم من روآية الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه من طريق ابن أبي ذئب، عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عنه، وهذا إسناد رجاله على شرط الجماعة.
كذلك ما يؤكد كلامنا أن الروح هنا هي روح الميت عندما تخرج من جسد الإنسان، انظر في سياق الآيات التي قبل هذه الآية والآيات التي بعدها ،تدل على ذلك، قال تعالى: "سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3)" المعارج، فقال الشوكاني: وقيل السائل هو نوح عليه السلام، سأل العذاب للكافرين، وقيل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بالعقاب عليهم، وقوله: "بعذاب واقع" يعني إما في الدنيا كيوم بدر، أو في الآخرة. والصحيح هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لما في  الآيات التاليات من مخاطبات لشخصه الكريم صلى الله عليه وسلم . اذن فعذاب الكافر هو  قيام قيامته أكان بالموت او بقيام الساعة ، ثم قال تعالى "تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4") المعارج، ثم  تليها  الآيات التالية ،قال تعالى "فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10") المعارج، فاصبر صبرا جميلا يامحمد ، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا أي الكفار يرون العذاب الآخروي بعيد وذلك بسبب رؤيتهم للموت أنه بعيد ورؤيتهم ليوم القيامة بعيد. بينما الله جل وعلا مقدر المقادير عالم الغيب والشهادة يرى يومهم قريب أقرب من لمح البصر.
قال تعالى: "غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77)" النحل، وقال تعالى عن أمر الدنيا على لسان العصاة يوم القيامة "قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرض عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114)" المؤمنون، ثم تتكلم بقية الآيات عن أحوال الناس يوم القيامة، ومما يؤكد كلامنا أيضا أن سورة المعارج تنتهي بثلاث آيات تدل على الموت والبعث.
قال تعالى: "فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44)" المعارج. الآن لنفصل كيف هذا اليوم الذي يمر على الميت خمسين ألف سنة ؟، روى الأمام أحمد رحمه الله في مسنده فقال: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن منهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله وكأن على رءوسنا الطير وفي يده عود ينكت في الأرض فرفع رأسه فقال استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا ثم قال ان العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجئ ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض قال فيصعدون بها فلا يمرون يعنى بها على ملأ من الملائكة الا قالوا ما هذا الروح الطيب فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهى به إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى قال فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولان له وما علمك فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فينادى مناد في السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة قال فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت فوجهك الوجه يجئ بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي وما لي قال وان العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب قال فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة الا قالوا ما هذا الروح الخبيث فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهى به إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط " فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى فتطرح روحه طرحا ثم قرأ " ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق " فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان له ما دينك فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدري فينادى مناد من السماء ان كذب فافرشوا له من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الوجه يجئ بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة ،تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح رجاله رجال الصحيح .
فإذا كانت روح الميت تسافر في السماوت وتمر بكل هذه الأمور المذكورة في الحديث السابق فإنها تسافر خمسين ألف سنة بالنسبة لهذه للروح ولكن على الأرض تمر ثواني معدودة، ومنه نستنتج أن الآيتين لا تتناقضان بل كل آية تتكلم في موضوع معين، والأزمان  تختلف في هذه الدنيا ما بين كوكب وكوكب، فهاهو كوكب المشتري يساوي اليوم فيه 17 ساعة من ساعات الأرض واليوم في عطارد 59 يوم من أيام الأرض واليوم في الزهرة 225 يوم من أيام الأرض وفي الأرض 24 ساعة وهكذا، فإذا كانت هكذا الأزمان تختلف على مستوى الأرض والدنيا فكيف بالحياة الآخرة والتي هي  عالم غيب لم يطلع عليه أحد، قال تعالى: "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرض بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)" الأنعام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق