الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

23- التناقض والاختلاف حول موت أحد أبناء نوح في الطوفان أم لا ؟



23- التناقض والاختلاف حول موت أحد أبناء نوح في الطوفان أم لا ؟
الشبهة:
مات ابنه: "وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآَوِي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43)" هود.
نجاة أهله: "وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76)" الأنبياء.

الرد على الشبهة:
لو أن صاحب الشبهة قرأ الآيات 42 و43 وأكملها لما وقع في الإشكال بل ولما كتب عن وجود تناقض فالحق جل وعلا يقول: "وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآَوِي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45 قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47)" هود.
فنلاحظ هنا قوله تعالى: "قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ" في الآية 46 من سورة هود فابن نوح أصبح من غير أهله بسبب عمله غير الصالح والذي جعله من القوم الكافرين وليس من قوم نوح، ونادى نوح ربه: دعاه، والمراد أراد دعاءه بدليل الفاء في "فقال رب إن ابني من أهلي" وعطف الشيء على نفسه غير سائغ، فلا بد من التقدير المذكور، ومعنى قوله: "إن ابني من أهلي" أنه من الأهل الذين وعدتني بتنجيتهم بقولك: "وأهلك".
فإن قيل: كيف طلب نوح عليه السلام إنجاز ما وعده الله بقوله: "وأهلك" وهو المستثنى منه، وترك ما يفيده الاستثناء، وهو "إلا من سبق عليه القول"؟
فيجاب: بأنه لم يعلم إذ ذاك أنه ممن سبق عليه القول، فإنه كان يظنه من المؤمنين "وإن وعدك الحق" الذي لا خلف فيه، وهذا منه "وأنت أحكم الحاكمين" أي أتقن المتقنين لما يكون به الحكم، فلا يتطرق إلى حكمك نقض، وقيل: أراد بأحكم الحاكمين أعلمهم وأعدلهم: أي أنت أكثر علما وعدلا من ذوي الحكم، وقيل: إن الحاكم بمعنى ذي الحكمة كدارع.
ثم أجاب الله سبحانه عن نوح ببيان أن ابنه غير داخل في عموم الأهل، وأنه خارج بقيد الاستثناء فـ "قال يا نوح إنه ليس من أهلك" الذين آمنوا بك وتابعوك وإن كان من أهلك باعتبار القرابة، ثم صرح بالعلة الموجبة لخروجه من عموم الأهل المبينة له بأن المراد بالقرابة الدين لا قرابة النسب وحده فقال: "إنه عمل غير صالح".
فكانت الآية 76 من سورة الأنبياء وعد الله لنوح عليه السلام بتنجية أهله من الطوفان  فلما رأى ابنه يغرق دعى الله أن ابنه من أهله فرد عليه الله جل وعلى أنه ليس من أهله كما ذكرنا آنفا.
فأين التناقض؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق