الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

17- التناقض والاختلاف في اسم العذراء مريم أم السيد المسيح:



17- التناقض والاختلاف في اسم العذراء مريم أم السيد المسيح:
الشبهة:
خلط بين مريم أم المسيح التى هى مريم ابنة يواكيم وسماها مريم بنت عمران وهو يقصد مريم أخت هارون وابنة عمرام وليس عمران، (إذ قالت امرأة عمران رب إنى نذرت لك ما فى بطنى ) ... ( فلما وضعتها قالت ربى إنى وضعتها أنثى)، (وإنى سميتها مريم ..)، ( يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه إسمه المسيح عيسى بن مريم) (آل عمران 35 / 36/45) (ومريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا) ( سورة تحريم / 12) ونادى مريم أم المسيح فى القرآن بأخت هارون: (يا أخت هارون) وهارون رجل صالح أى يا شبيهته فى العفة  (ما كان أبوك امرأ سوء ولا أمك بغيا ) (سورة مريم / 28) وقد كان من الممكن تقبل ما جاء فى تفسير الجلالين أنها شبيهه هارون فى العفة وليست أخته لو لم يكن القرآن سمى مريم (بنت عمران وأخت هارون) ومن هنا كان الخلط بين مريم أم المسيح ومريم أخت هارون وموسى وابنة عمرام (وليست عمران).
وأما قهات فولد عمرام (وليس عمران كما ورد فى القرآن) واسم إمرأة عمرام يوكابد بنت لاوى وقد ولدت لعمرام هرون وموسى ومريم أختهما" ( راجع التوراة عدد 26: 59).

الرد على الشبهة:
يعترض النصارى على ذكر القرآن على لسان اليهود  وصفهم  لمريم العذراء عليها السلام بأخت هارون ، قال تعالى: "يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)" مريم، وكذلك وصفها بأنها ابنة عمران حيث قال الحق جل وعلا: "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)" التحريم، وغيرها من الآيات التي تصفها بابنة عمران في سورة آل عمران مثلا.
حيث يقول النصارى ومن سار على هواهم أن محمد صلى الله عليه وسلم قد خلط ما بين مريم أم المسيح ومريم أخت هارون موسى كنا ذكر الكتاب المقدس وبينهم ألف وخمسمائة سنة تقريبا، حيث يقول كتابهم في سفر الخروج:
15: 20 فاخذت مريم النبية اخت هرون الدف بيدها و خرجت جميع النساء وراءها بدفوف و رقص
15: 21 و اجابتهم مريم رنموا للرب فانه قد تعظم الفرس وراكبه طرحهما في البحر
6: 20 و اخذ عمرام يوكابد عمته زوجة له فولدت له هرون و موسى و كانت سنو حياة عمرام مئة و سبعا و ثلاثين سنة
ونرد على هذه المزاعم بأن هذه الشبهة قديمة قد أكل الدهر عليها وشرب فقد واجهت النبي صلى الله عليه وسلم  بنفسه
فعن المغيرة بن شعبة، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران، فقالوا لي: ألستم تقرءون(يَا أُخْتَ هَارُونَ) ؟ قلت: بلى، وقد علمتم ما كان بين عيسى وموسى، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال: "ألا أخْبَرْتَهُمْ أنَّهُمْ كانُوا يُسَمّونَ بأنْبِيائِهمْ والصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ".
فلو كان القرآن من اختراع النبي محمد صلى الله عليه وسلم فإنه عندما واجهته هذه  الشبهة كان الأولى أن يحاول تصحيح الخطأ الذي وقع فيه تحت أي مبرر نسخ الآية مثلا أو اختراع أي حل آخر
*ولكن رد النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة وكذلك بقاء الآية  وغيرها دون تغيير أو تبديل  لهو أكبر دليل على صدقه صلى الله عليه وسلم وعلى أن هذا  الكتاب موحى إليه من الخالق عز وجل.
بالرغم من إيماني بأن الحقيقة الكاملة سوف تظهر في المستقبل القريب من خلال الآثار والمخطوطات والتي سوف تظهر الحق وصدق القرآن الكريم، ولكنني أرى بصدق أن  أقوى رد لهذه الشبهة هو التالي: أن مريم ابنة عمران الأب المباشر لموسى عليه السلام وهو أب مباشر لموسى ، وهو أب لمريم لأنه رئيس العائلة التى تناسلت هى منها . وهارون ابن عمران . وهى من نسل هارون ـ عليه السلام ـ فيكون هو أخوها على معنى أنها من نسله. أما أبوها المباشر فاسمه "يهويا قيم" وأمها اسمها "حنة" كما جاء فى إنجيل يعقوب الذى لا يعترف به النصارى.
والنسب هكذا: إبراهيم ـ إسحاق ـ يعقوب ـ لاوي وهو الابن الثالث ليعقوب. وأنجب لاوي ثلاثة هم جرشون وقهات ومرارى . وبنوقهات عمرام ويصهار وحبرون وعزئييل . وبنو عمرام هارون وموسى ومريم.
وقد وصى موسى بأمر الله تعالى أن تتميز الأسباط التى تريد الإرث فى بنى إسرائيل. وذلك بأن تتزوج كل بنت فى سبطها. ففى سفر العدد: "وكل بنت ورثت نصيباً من أسباط بنى إسرائيل؛ تكون امرأة لواحد من عشيرة سبط أبيها؛ لكى يرث بنو إسرائيل كلُّ واحد نصيب آبائه" [عدد 36 : 8]. ووصى بأن يتفرغ سبط لاوي للعلم والدين، ولا يكون له نصيب فى الأرض، وإنما يسكن بين الأسباط فى مدنهم، ووصى بأن تكون الإمامة فى نسل هارون وحده. وعلى هذه الشريعة نجد فى بدء إنجيل لوقا: أن "أليصابات" زوجة زكريا عليه السلام كانت من نسل هارون من سبط لاوي، وكان زكريا من نسل هارون من سبط لاوي. وتزوجت أليصابات زكريا. وأن مريم العذراء كانت قريبة لأليصابات. وإذا ثبت أنها قريبة لها ؛ يثبت أن مريم هارونية من سبط لاوي. يقول لوقا: "كان فى أيام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من فرقة أبِيّا، وامرأته من بنات هارون، واسمها أليصابات . . إلخ" ويقول لوقا: "وهو ذا أليصابات نسيبتك . . إلخ"؛ قال لها الملاك ذلك وهو يبشر مريم بالحمل بعيسى عليه السلام فإذا صح أنها قريبة لها ونسيبة لها، فكيف يخطئ القرآن فى نسبتها إلى هارون عليه السلام؟
وفرقة أبِيّا هى فرقة من بنى هارون، وهى الفرقة الثامنة من الفرق التى عدها داود عليه السلام للعمل فى المناظرة على بيت الرب. وخبرهم فى الإصحاح الرابع والعشرين من سفر أخبار الأيام الأول. وأحب أن أنوه أن هذه التسمية لمريم بـ "أخت هارون"، ليست خبرًا قرآنيًا ، وإنما هى حكاية من القرآن الكريم لما قاله قومها.
وحتى لا أكون قد أغلفت الردود الأخرى:
 فإنه قد يكون فعلا اسم أبيها الحقيقي هو عمران وأن ما جاء من أن اسمه يهواقيم كما جاء في إنجيل يعقوب غير المعترف فيه من قبل النصارى أو كما جاء في السنكسار القبطي هو اسم خاطئ والسبب أنه يبدو أن السنكسار القبطي قد أخذ من إنجيل يعقوب الذي يعود إلى عام 150 ميلادية وعدم اعتمادنا عليه هنا لسبب وجيه.
فإنجيل يعقوب الأبوكريفي يستند إلي مصدر يزعم أن مريم كانت راقصة وأن سلومة أقحمت أصبعها في فرجها، هذا ما جاء في إنجيل يعقوب الفقرة 15، 19 و 20 ..
فهل نأخذ به ونترك كتابا رفعها إلي أرفع المراتب وجعلها سيدة نساء العالمين،
وأن لمريم أخا من أبيها اسمه هارون مع إنني أرجح الرد الأول أعلاه، ولكن هل من المعقول أن يعيش عيسى عليه السلام في زمن موسى ويغفل القرآن ذلك ثم هل يُعْقَل أن يخلط القرآن بين المَرْيَمَيْن ثم لا يربط بين موسى وهارون (الخالين) وعيسى (ابن الأخت) ربطًا أُسْريًّا ولو مرة واحدة يتيمة أثناء حديثه عنهم، وما أكثر ما تحدث عنهم؟
بل كيف تكون مريم وحيدة أبويها على حسب ما هو واضح من القصة القرآنية، على حين أنهما رُزِقا من الأولاد اثنين آخرين هما موسى وهارون، وأصبحا بعد ذلك نبيين؟
بل كيف يسكت القرآن عن ذلك فلا يشير إليه ولا يربط بين مريم وأخويها هذين بأى حال؟
ذلك أن أخت موسى وهارون، التى يزعم الأفاكون أن القرآن يخلط بينها وبين مريم أم عيسى، لم يأت ذكرها فى القرآن إلا فى سياق مراقبتها من بعيد لموسى بعد أن وضعته أمه فى التابوت ثم قذفته فى النهر، ولم يورد القرآن اسمها فى الحالتين (طه/40، والقصص/11- 12).
أكان القرآن يسكت فلا يشير إلى موقف الأخوين من معاناتها بسبب الحمل والولادة غير الطبيعية وتعرضها للاتهام فى شرفها وسخرية قومها منها فى قولهم: "يا أخت هارون، ما كان أبوك امرأ سَوْءٍ، وما كانت أمك بغيًّا"؟ أهذه مسألة تحتمل أن يغيب عنها موسى وهارون؟
ثم أكان القرآن يسكت فلا يشير إلى موقفها من الأحداث الرهيبة التى وقعت لأخويها فى مصر وعند انفلاق البحر وفى التيه؟ بل أين كان عيسى عند ذاك فلم يبرز لنصرة خالَيْه فى مواجهة فرعون أو ضد شغب بنى إسرائيل عليهما فى الصحراء؟ إذن فافتراض خلط القرآن بين المَرْيَمَيْن مستحيل.
**أخيرا أحب أن أوضح أن النصارى بالرغم من أنهم يقولون أن اسم والد السيدة مريم يهواقيم فإنهم بنفس الوقت يقولون أن اسمه هالي، فهل مريم العذراء بنت هالي حسب لوقا أم ابنة يواقيم حسب كتاب السنكسار وإنجيل يعقوب، ففي لوقا3: 23  ولما ابتدا يسوع كان له نحو ثلاثين سنة و هو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي. أنيوس من فيتربو فى1440 افترض أن هالي هو أبو مريم وليس يوسف النجار لأن يوسف النجار قد عرف نسبه في أول إنجيل متى.
وفي إنجيل متى:1: 15 و اليود ولد اليعازر و اليعازر ولد متان و متان ولد يعقوب 1:16 و يعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى. فلا نرى ذكرا لهالي في سلسلة نسب يوسف النجار.
لقد ذكر لوقا "ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي " ( لوقا 3/ 23)، من هو "هالي " هل هو ابو يوسف ؟؟؟
الإجابة : لا بالطبع فقد ذكرنا أن (يعقوب ولد يوسف) هذه الولادة الجسدية، "هالي" هو أبو مريم العذراء.
أما قولهم أن (يوسف بن هالي) هذا لقبه بعد الزواج من مريم بنت هالي، فطبقاً التقاليد اليهودية فكان الرجل يحمل اسم عائلة امرأته اذا أراد، وهذا القول يفتقد إلى الدليل ويخالف صريح النص في "وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي" ( لوقا 3/ 23 .(

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق