الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

13- الرد على التناقض والاختلاف في تحريم الخمور وتحليلها:



13- الرد على التناقض والاختلاف في تحريم الخمور وتحليلها:
الشبهة: لماذا يحرم الله الخمور فى الدنيا ويحللها فى الآخرة وهى لذة للشاربين؟
تحريم الخمور فى الدنيا
تحليل الخمور فى الآخرة
يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَا جْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
(سورة المائدة 5: 90).
مَثَلُ الجَنَّةِ التِي وُعِدَ المُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (سورة محمد 47: 15). يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ (سورة المطففين 83: 25 و26).


الرد على الشبهة:
نرد على هذه الشبهة   
ونقول أولا إن قوانين الدنيا تختلف عن  قوانين الآخرة ، فالدنيا  دار امتحان والآخرة دار قرار ودار تبنى على نتيجة الامتحان في الدنيا، فالدنيا فيها موت ولكن الآخرة لا يوجد فيها موت فهل يعد هذا تناقض في الخلق طبعا لا، وهكذا نقيس على الاختلاف  بين الدنيا والآخرة فكل القوانين مختلفة بين الدنيا والآخرة حتى الفطرة تتغير بين الدنيا والآخرة، فهذا سبب أولي يمنع القول بأن هناك تناقض في القرآن حول تحريم شيء في الدنيا وتحليله في الآخرة، الدنيا كما قلنا دار امتحان وقوانين الدنيا تختلف عن قوانين الآخرة.
السبب الثاني الذي يمنعنا من القول بأن هناك تناقض في القرآن في هذه النقطة، أن هناك اختلاف كبير وواضح بين خمر الدنيا والآخرة وإن تشابهت الأسماء، 
فخمر الدنيا يذهب العقل وكل صفاته خبيثة فلا أعتقد أنه لذة للشاربين وأن كان هناك من يحب شربه فاعتقد لما فيه من مادة يدمن عليها الإنسان إضافة إلى إن الشاربين يشربونها لينسوا أنفسهم وهمومهم،  
ما خمر الآخرة  فله صفات، لا يذهب العقل، لقوله تعالى: "أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (41) فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (42) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (43) عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (44) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (47)" الصافات.
قال الإمام الشوكاني  في  تفسيره :"لا فيها غول" أي لا تغتال عقولهم فتذهب بها ولا يصيبهم منها مرض ولا صداع "ولا هم عنها ينزفون" أي يسكرون: يقال نزف الشارب فهو منزوف ونزيف إذا سكر، وقال  جل  شأنه: "يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19): الواقعة، قال الإمام ابن كثير في  تفسيره، أما الأكواب فهي الكيزان التي لا خراطيم لها ولا آذان، والأباريق التي جمعت الوصفين والكؤوس الهنابات، والجميع من خمر من عين جارية معين، ليس من أوعية تنقطع وتفرغ بل من عيون سارحة. وقوله تعالى: "لا يصدعون عنها ولا ينزفون" أي لا تصدع رؤوسهم ولا تنزف عقولهم، بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة، وروى الضحاك عن ابن عباس أنه قال: في الخمر أربع خصال: السكر، والصداع، والقيء، والبول، فذكر الله تعالى خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال. وقال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعطية وقتادة والسدي "لا يصدعون عنها" يقول ليس لهم فيها صداع رأس وقالوا في قوله: "ولا ينزفون" أي لا تذهب بعقولهم. خمر الآخرة لا تصيب شاربها بالصداع كما ذكرنا أعلاه، خمر الآخرة لا تصيب شاربها بالقيء كما ذكر ذلك ابن عباس رضي الله عنهما، خمر الآخرة لا يرافقه بول، خمر الآخرة لذة للشاربين كما قال تعالى: " بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46)" الصافات، خمر الآخرة لا يتغير طعمه ولا يفسد أبدا.
فهذه الصفات وغيرها توضح وضوحا جليا أن خمر الآخرة يختلف اختلافا كبيرا عن خمر الدنيا الفاسد، ومما سبق يتضح لنا أنه ليس هنا أي تناقض فالأمر شتان ما بين خمر  الدنيا والآخرة من جميع النواحي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق