الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

1- التناقض والاختلاف في تبديل كلمات الله:



1- التناقض والاختلاف في تبديل كلمات الله:

الشبهة:

كلام الله لا يتبدل
كلام الله يتبدل
- لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ (سورة يونس 10: 46).
- لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ (سورة الكهف 18: 27).

- وَإِذَا بَدَّلْنَا آية مَكَانَ آية وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (سورة النحل 16: 101)    .
- مَا نَنْسَخْ مِنْ آية أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (سورة البقرة 2: 106).
- إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّ الهُ لَحَافِظُونَ (سورة الحجر 15: 9).
- يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أَمُّ الكِتَابِ. (سورة الرعد (39:13).

الرد على الشبهة:
هل هذا فعلا تناقض لنرى ذلك، في البدآية جملة (تبديل كلمات الله) كم مرة ذكرت في القرآن قال تعالى "وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)" سورة الأنعام، وقال جل شأنه: "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)" يونس وقال تعالى "وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)" الكهف .
في الآية 34 سورة الأنعام قال تعالى: "ولا مبدل لكلمات الله" يقول ابن كثير  حول  هذه  الآية : ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا" هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وتعزية له، فيمن كذبه من قومه، وأمر له بالصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، ووعد له بالنصر كما نصروا، وبالظفر حتى كانت لهم العاقبة، بعد ما نالهم من التكذيب من قومهم والأذى البليغ، ثم جاءهم النصر في الدنيا كما لهم النصر في الاَخرة، ولهذا قال "ولا مبدل لكلمات الله" أي التي كتبها بالنصر في الدنيا والاَخرة لعباده المؤمنين، ويقول الشوكاني في تفسيره: "ولا مبدل لكلمات الله" بل وعده كائن وأنت منصور على المكذبين، ظاهر عليهم، ويقول الإمام البغوي في تفسير: "ولا مبدل لكلمات الله"، لا ناقض لما حكم به، وقد حكم في كتابه بنصر أنبيائه عليهم السلام، وهكذا أجمع المفسرون، فالآية صريحة وواضحة وضوح الشمس.
فإن الله هنا يبين أن كلماته ووعده بنصر رسله لن يتغير مهما مر الزمان ومهما اختلف  المكان.
وقد قال الحق جل وعلا: "إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)" غافر.
فلا يقصد هنا بالكلمات بأنها آيات القرآن الكريم، ولكن وعده بنصر رسله عليهم السلام (أما الآية 64 من سورة يونس) قال تعالى: "لا تبديل لكلمات الله" يقول ابن كثير في تفسيره: وقوله (لا تبديل لكلمات الله) أي هذا الوعد لا يبدل ولا يخلف ولا يغير بل هو مقرر مثبت كائن لا محالة (ذلك هو الفوز العظيم).
وقال القرطبي: "لا تبديل لكلمات الله" أي لا خلف لمواعيده، ولا تكون إلا كما قال. "ذلك هو الفوز العظيم" أي ما يصير إليه أولياؤه فهو الفوز العظيم.
فالآية هنا تشابه الآية الأولى، فالأولى تتحدث عن الرسل ووعد الله لهم بالنصر وأن كلماته (وعده) لا تتبدل، وهنا تتحدث الآيات عن أولياء الله وعن وعده لهم بالفوز العظيم في الجنة وأن كلماته (وعده) لا تتبدل.
نأتي هنا إلى الآية 27 من سورة الكهف "اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا" قال الإمام الشوكاني في تفسيره لهذه الآية : واتل ما أوحي إليك" أمره الله سبحانه أن يواظب على تلاوة الكتاب الموحي إليه، قيل ويحتمل أن يكون معنى قوله: "واتل" واتبع، أمراً من التلو، لا من التلاوة، و "من كتاب ربك" بيان للذي أوحي إليه "لا مبدل لكلماته" أي لا قادر على تبديلها وتغييرها، وإنما يقدر على ذلك هو وحده. قال الزجاج: أي ما أخبر الله به وما أمر به فلا مبدل له، وعلى هذا يكون التقدير: لا مبدل لحكم كلماته، فهنا الحق جل وعلا يتحدى أحد يغير في كتابه الكريم القرآن فلا أحد يستطيع أن يغير ما به إلا هو.
قال تعالى: "مَا نَنْسَخْ مِنْ آية أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)" البقرة.
فالآية 27 من سورة الكهف تظهر للعيان  أنه لا مبدل لكلمات الله والضمير هنا للغائب
فهو هنا لم  يقل لن أبدل كلماتي !!! ،ولكن لا مبدل لكلماته: بمعنى لا يستطيع أحد تبديل كلامي باستثنائي أنا لهذا قال عز وجل "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)" الحجر فالذي نزل  الكتاب من؟ الله، والذي يحفظه من ؟  الله،  والذي يستطيع تغيير وتبديل ما فيه من؟ الله، ومن ينسخ من آية أو يغيرها من ؟ الله، فهل الإنسان أو أي كائن كان قادر على  تغيير كلمات الله أو نسخها أو غير ذلك ؟ طبعا لا، فالآيات واضحات وضوح الشمس ولا تناقض فيها والآيات 34 من سورة الأنعام و64 من سورة يونس تتحدث عن قضاء الله وتتحدث عن القدر والوعد الذي ينفذه جل وعلا.
أما الآية 27 من سورة الكهف فتتحدث عن استحالة أن يغير أي كائن كلمات الله في  كتابه القرآن عدا الله عز وجل.
لهذا أتت الآيات: "وَإِذَا بَدَّلْنَا آية مَكَانَ آية وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ" (سورة النحل 101)
"مَا نَنْسَخْ مِنْ آية أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (سورة البقرة 106).
"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّ الهُ لَحَافِظُونَ" (سورة الحجر 9).
"يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أَمُّ الكِتَابِ . (سورة الرعد 39).
فلاحظ  قوله تعالى في الآية 27 من سورة الكهف ( لامبدل) ــ ثم  قوله في سورة النحل (بدلنا)، فكان من الممكن أن نقول هناك تناقض إن قال: (لن أبدل  كلماتي) ثم يقول في موضع آخر (بدلنا)ـ ولكن  قوله  لامبدل  لأي شخص غير الرب عز وجل ثم يقول بدلنا فهذه لا تناقض فيها أبدا لأن الله عز وجل هو وحده من له الحق في تبديل كلامه ولا يسئل عما يفعل سبحانه وهم يسئلون.
وهذه الشبهة تدل دلالة عميقة على جهل النصارى والمستشرقين في فهم معاني القرآن الكريم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق