الاثنين، 7 ديسمبر 2015

(9)تناقضات روايات الصلب في الأناجيل

تناقضات روايات الصلب في الأناجيل
وتتحدث الأناجيل الأربعة عن تفاصيل كثيرة في رواية الصلب، والمفروض لو كانت هذه الروايات وحياً كما يدعي النصارى، أن تتكامل روايات الإنجيليين الأربعة وتتطابق.
ولكن عند تفحص هذه الروايات نجد كثيراً من التناقضات والاختلافات التي لا يمكن الجمع بينها، ولا جواب عنها إلا التسليم بكذب بعض هذه الروايات، أو تكذيب رواية متى في مسألة، وتكذيب مرقس في أخرى...
من هذه التناقضات:

 
هل ذهب رؤساء الكهنة للقبض على المسيح؟
مَن الذي ذهب للقبض على يسوع ؟ يقول متى: « جمع كثير بسيوف وعصي من عند رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب » متى 26/52 ، وزاد مرقس بأن ذكر من الجمع الكتبةَ والشيوخ انظر مرقس 14/43 ، وذكر يوحنا أن الآتين هم جند الرومان وخدم من عند رؤساءَ الكهنة انظر يوحنا 18/3 ولم يذكر أي من الثلاثة مجيء رؤساء الكهنة.
ولكن لوقا ذكر أن رؤساء الكهنة جاءوا بأنفسهم للقبض على المسيح إذ يقول: « قال يسوع لرؤساء الكهنة وقواد جند الهيكل والشيوخ المقبلين عليه » لوقا 22/52 .
فالتناقض بين لوقا والباقين ظاهر.

 
متى حوكم المسيح؟
وتذكر الأناجيل محاكمة المسيح، ويجعلها لوقا صباح الليلة التي قبض عليه فيها فيقول: « ولما كان النهار اجتمعت مشيخة الشعب رؤساء الكهنة والكتبة، وأَصعدوه إلى مجمعهم قائلين: إن كنت أنت المسيح فقل لنا؟ » لوقا 22/66 - 67.
لكن الثلاثة يجعلون المحاكمة في ليلة القبض عليه فيقول مرقس: « فمضوا بيسوع إلى رئيس الكهنة، فاجتمع معه جميع رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة.....» مرقس 14/53 - وانظر: متى 26/57، ويوحنا 18/3 .


 
كم مرة سيصيح الديك؟
وتبع بطرس المسيح ليرى محاكمته، وقد أخبره المسيح بأنه سينكره في تلك الليلة ثلاث مرات قبل أن يصيح الديك مرتين حسب مرقس « قبل أن يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات» مرقس 14/72 ومَرةً حسب الثلاثة، يقول لوقا: « قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات» لوقا 22/60- انظر: متى 26/74، يوحنا 18/27 وقد ذكر الثلاثة خلال القصة صياحاً واحداً فقط، خلافاً لما زعمه مرقس.
 
أين تعرفت عليه الجارية أول مرة؟
وكان سبب إنكار بطرس المتكرر أن بعض الموجودين في المحاكمة تعرفوا على المسيح، وهنا تتفق الأناجيل في أنه تعرفت عليه في المرة الأولى جارية.
وذكر متى ويوحنا أنه كان حينذاك خارج الدار « وأما بطرس فكان جالساً خارجاً في الدار. فجاءت إليه جارية قائلة: وأنت كنت مع يسوع الجليلي» متى 26/69، 75، ويؤكده يوحنا بقوله: « وأما بطرس فكان واقفاً عند الباب خارجاً» يوحنا 8/16
وذكر مرقس ولوقا أنه كان داخل الدار يستدفئ من البرد، يقول مرقس: « بينما كان بطرس في الدار أسفل جاءت إحدى جواري رئيس الكهنة. فلما رأت بطرس يستدفئ نظرت إليه وقالت: وأنت كنت مع يسوع الناصري» مرقس 14/66، وفي لوقا: «ولما أضرموا ناراً في وسط الدار وجلسوا معاً جلس بطرس بينهم. فرأته جارية جالساً عند النار، فتفرست فيه وقالت: وهذا كان معه..» لوقا 22/55-56 .
 
من الذي تعرف على المسيح في المرة الثانية؟
وأما المرة الثانية فقد تعرفت عليه حسب متى جارية أخرى « ثم إذ خرج إلى الدهليز رأته أخرى فقالت للذين هناك: وهذا كان مع يسوع الناصري» متى 26/71 .
ولكن حسب مرقس الذي رأته نفس الجارية، يقول: « فرأته الجارية أيضاً، وابتدأت تقول للحاضرين: إن هذا منهم» مرقس 14/69 .
وحسب لوقا الذي رآه هذه المرة رجل من الحضور وليس جارية « وبعد قليل رآه آخر وقال: وأنت منهم.فقال بطرس: يا إنسان لست أنا» لوقا 22/58 .
وذكر يوحنا أن هذا الرجل أحد عبيد رئيس الكهنة « قال واحد من عبيد رئيس الكهنة، وهو نسيب الذي قطع بطرس أذنه أما رأيتك أنا معه في البستان. فأنكر بطرس أيضاً» يوحنا 18/26
وتختلف الأناجيل في تحديد السبب الذي من أجله حبس باراباس في سجن بيلاطس، فيذكر يوحنا بأنه كان لصاً « وكان باراباس لصاً» يوحنا 18/40 .
واتفق مرقس ولوقا على أنه صاحب فتنة، وأنه قتل فيها فاستوجب حبسه، يقول لوقا: «أطلق لنا باراباس، وذاك كان قد طرح في السجن لأجل فتنة حدثت في المدينة وقتل» . انظر: مرقس 15/7، لوقا 23/19 .

 
من الذي حمل الصليب المسيح أم سمعان؟
وصدر حكم بيلاطس بصلب المسيح، وخرج به اليهود لتنفيذ الحكم، وفيما هم خارجون لقيهم رجل يقال له سمعان، فجعلوه يحمل صليب المسيح يقول مرقس « ثم خرجوا لصلبه، فسخروا رجلا مجتازاً كان آتياً من الحقل، وهو سمعان القيرواني أبو الكسندروس وروفس ليحمل صليبه » مرقس 15/20 – 22 و انظر: متى 27/32، لوقا 23/26.
لكن يوحنا يخالف الثلاثة، فيجعل المسيح حاملاً لصليبه بدلاً من سمعان يقول يوحنا: « فأخذوا يسوع ومضوا به، فخرج وهو حامل صليبه إلى الموضع الذي يقال له الجمجمة » يوحنا 19/17
ولم يذكر يوحنا شيئاً عن سمعان القيرواني.

 
نهاية يهوذا
يتحدث العهد الجديد عن نهايتين مختلفتين للتلميذ الخائن يهوذا الأسخريوطي الذي خان المسيح وسعى في الدلالة عليه مقابل ثلاثين درهماً من الفضة، فيقول متى: «فأوثقوه ومضوا به، ودفعوه إلى بيلاطس البنطي الوالي، حينئذ لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم وردّ الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ، قائلاً: قد أخطأت، إذ سلمت دماً بريئاً. فقالوا: ماذا علينا.أنت أبصر. فطرح الفضة في الهيكل وانصرف.ثم مضى وخنق نفسه. فأخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا: لا يحل أن نلقيها في الخزانة لأنها ثمن دم. فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء. لهذا سمي ذلك الحقل حقل الدم إلى هذا اليوم» . متى 27/2-5
ولكن سفر أعمال الرسل يحكي نهاية أخرى ليهوذا وردت في سياق خطبة بطرس، حيث قال: «أيها الرجال الأخوة، كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود عن يهوذا الذي صار دليلاً للذين قبضوا على يسوع. إذ كان معدوداً بيننا، وصار له نصيب في هذه الخدمة. فإن هذا اقتنى حقلاً من أجرة الظلم، وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط، فانسكبت أحشاؤه كلها. وصار ذلك معلوماً عند جميع سكان أورشليم حتى دعي ذلك الحقل في لغتهم حقل دما أي حقل دم» . أعمال 1/16-20.

 
فقد اختلف النصان في جملة من الأمور
- كيفية موت يهوذا، فإما أن يكون قد خنق نفسه ومات « ثم مضى وخنق نفسه» ، وإما أن يكون قد مات بسقوطه، حيث انشقت بطنه وانسكبت أحشاؤه فمات « وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها » ، ولا يمكن أن يموت يهوذا مرتين، كما لا يمكن أن يكون قد مات بالطريقتين معاً.
من الذي اشترى الحقل، هل هو يهوذا « فإن هذا اقتنى حقلاً من أجرة الظلم» ،
أم الكهنة الذين أخذوا منه المال. « فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري » .
هل مات يهوذا نادما ً « لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم...قد أخطأت، إذ سلمت دماً بريئاً» أم معاقباً بذنبه كما يظهر من كلام بطرس.
- هل رد يهوذا المال للكهنة « وردّ الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ » أم أخذه واشترى به حقلاً « فإن هذا اقتنى حقلاً من أجرة الظلم » .
- هل كان موت يهوذا قبل صلب المسيح وبعد المحاكمة « ودفعوه إلى بيلاطس البنطي الوالي، حينئذ لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم... فطرح الفضة في الهيكل وانصرف ثم مضى وخنق نفسه »
أم أن ذلك كان فيما بعد، حيث مضى واشترى حقلاً ثم مات في وقت الله أعلم متى كان.

 
ما موقف المصلوبين من جارهما على الصليب؟
وتتحدث الأناجيل عن تعليق المسيح على الصليب، وأنه صلب بين لصين أحدهما عن يمينه، والآخر عن يساره، ويذكر متى ومرقس أن اللصين استهزءا بالمسيح، يقول متى: « بذلك أيضاً كان اللصّان اللذان صلبا معه يعيّرانه» متى 27/44، ومثله في مرقس 15/32.
بينما ذكر لوقا بأن أحدهما استهزء به، بينما انتهر الآخر، يقول لوقا: « وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلاً: إن كنت أنت المسيح فخلّص نفسك وإيانا. فأجاب الآخر وانتهره قائلاً: أولا تخاف الله،.. فقال له يسوع: الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس» لوقا 23/39 - 43.

 
آخر ما قاله المصلوب قبل موته
أما اللحظات الأخيرة في حياة المسيح فتذكرها الأناجيل، وتختلف في وصف المسيح حينذاك، فيصور متى ومرقس حاله حال اليائس القانط يقول ويصرخ: « إلهي إلهي لماذا تركتني » ثم يُسلم الروح متى 27/46 - 50 ومرقس 15/34 - 37 .
وأما لوقا فيرى أن هذه النهاية لا تليق بالمسيح، فيصوره بحال القوي الراضي بقضاء الله حيث قال: « يا أبتاه في يديك أستودع روحي » لوقا 23/46 .
وتتحدث الأناجيل الأربع عن قيامة المسيح بعد دفنه، وتمتلىء قصص القيامة في الأناجيل بالمتناقضات التي تجعل من هذه القصة أضعف قصص الأناجيل.
متى أتت الزائرات إلى القبر؟
تتحدث الأناجيل عن زائرات للقبر في يوم الأحد ويجعله مرقس بعد طلوع الشمس، فيقول: «وباكراً جداً في أول الأسبوع أتين إلى القبر، إذ طلعت الشمس» مرقس 16/2 .
لكن لوقا ومتَّى يجعلون الزيارة عند الفجر، وينُص يوحنا على أن الظلام باقٍ، يقول يوحنا: «في أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً، والظلام باق، فنظرت الحجر مرفوعاً عن القبر» . يوحنا 20/1 ، انظر: متى 28/1، لوقا 24/1.

 
من زار القبر؟
أما الزائرات والزوار، فهم حسب يوحنا مريم المجدلية وحدها كما في النص السابق « جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً » يوحنا 20/1 - 3.
وأضاف متى مريمَ أخرى أبهمها « جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر » متى 28/1.
ويذكر مرقس أن الزائرات هن مريم المجدلية وأم يعقوب وسالومة. «اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطاً ليأتين ويدهنّه. » مرقس 16/1 .
وأما لوقا فيفهم منه أنهن نساء كثيرات ومعهن أناس، يقول لوقا: «وتبعته نساء كنّ قد أتين معه من الجليل ونظرن القبر وكيف وضع جسده. ثم في أول الأسبوع أول الفجر أتين إلى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهنّ أناس. فوجدن الحجر مدحرجاً عن القبر.» لوقا 23/ 55 - 24/1. وهذا كله إنما كان في زيارة واحدة.
متى دحرج الحجر؟
ثم هل وجد الزوار الحجر الذي يسد القبر مدحرجاً أم دُحرج وقت الزيارة؟
يقول متى: « وإذا زلزلة عظيمة حدثت.لأن ملاك الرب نزل من السماء، جاء ودحرج الحجر عن الباب، وجلس عليه » متى 28/2 فيفهم منه أن الدحرجة حصلت وقتذاك.
بينما يذكر الثلاثة أن الزائرات وجدن الحجر مدحرجاً، يقول لوقا: «أتين الى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهنّ أناس. فوجدن الحجر مدحرجاً عن القبر» لوقا 24/2 . وانظر: مرقس 16/4، يوحنا 20/1 .
 
ماذا رأت الزائرات؟
وقد شاهدت الزائرات في القبر شاباً جالساً عن اليمين، لابساً حُلة بيضاء حسب مرقس انظر: مرقس 16/5 ، ومتى جعل الشاب ملاكاً نزل من السماء. انظر: متى 28/2 ، ولوقا جعلهما رجلين بثياب براقة. انظر: لوقا 24/4 .
وأما يوحنا فقد جعلهما ملَكين بثياب بيضٍ أحدهما عند الرأس، والآخر عند الرجلين. انظر يوحنا 20/12 .

 
هل أسرت الزائرات الخبر أم أشاعته؟
ويتناقض مرقس مع لوقا في مسألة: هل أخبرت النساء أحداً بما رأين أم لا ؟ فمرقس يقول: « ولم يقلن لأحد شيئاً، لأنهن كن خائفات » مرقس 16/8 ، ولوقا يقول: « ورجعن من القبر، وأخبرن الأحد عشر وجميع الباقين بهذا كله » لوقا 24/9 .

 
لمن ظهر المسيح أول مرة؟
وتختلف الأناجيل مرة أخرى في عدد مرات ظهور المسيح لتلاميذه، وفيمن لقيه المسيح في أول ظهور؟ فمرقس ويوحنا يجعلان الظهور الأول لمريم المجدلية انظر: مرقس 16/9، يوحنا 20/14 . ويضيف متى: مريم الأخرى انظر: متى 28/9 .
بينما يعتبر لوقا أن أول من ظهر له المسيح هما التلميذان المنطلقان لعمواس انظر: لوقا 24/13 .


 
كم مرة ظهر المسيح؟ وأين؟
ويجعل يوحنا ظهور المسيح للتلاميذ مجتمعين ثلاث مرات. انظر: يوحنا 20/19، 26 بينما يجعل الثلاثة للمسيح ظهوراً واحداً انظر: متى 28/16، مرقس 16/14، لوقا 24/36 .
ويراه لوقا قد تم في أورشليم، فيقول: « ورجعا إلى أورشليم، ووجدا الأحد عشر مجتمعين هم والذين معهم، وهم يقولون: إن الرب قام بالحقيقة وظهر لسمعان...، وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سلام لكم» لوقا 24/33 - 36 .
بينما يقول صاحباه إن ذلك كان في الجليل « أما الأحد عشر تلميذاً، فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل، حيث أمرهم يسوع. ولما رأوه سجدوا له» متى 28/10 . وانظر مرقس 16/7
كم بقي المسيح قبل رفعه؟
ونشير أخيراً إلى تناقض كبير وقعت فيه الأناجيل، وهي تتحدث عن ظهور المسيح، ألا وهو مقدار المدة التي قضاها المسيح قبل رفعه.
ويفهم من متى ومرقس أن صعوده كان في يوم القيامة انظر: متى 28/8 - 20، مرقس 16/9 - 19، ولوقا 24/1 - 53 .
لكن يوحنا في إنجيله جعل صعوده في اليوم التاسع من القيامة. انظر: يوحنا 20/26، 21/4 ، بيد أن مؤلف أعمال الرسل - والمفترض أنه لوقا - جعل صعود المسيح للسماء بعد أربعين يوماً من القيامة انظر: أعمال 1/13
وبذلك سقطت شهادة الشهود في هذه المسألة، وصح لأي محكمة أن تعتبرهم شهود زور، وهل يُعرف شهود الزور إلا بمثل هذه التناقضات، أو أقل منها ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق