السبت، 5 ديسمبر 2015

حوار الثالوث وألوهية المسيح في المصادر النصرانية (3)




حوار الثالوث وألوهية المسيح في المصادر النصرانية (3)

استكمالاً لسلسلة الحوارات بين أحمد ومينا حول نقاط الإختلاف بين الإسلام والنصرانية والتي بدءناها بالحوار الأول حول الكتاب المقدس عند النصارى, ولماذا يقول المسلمون بتحريفه, كان الحوار الثاني حول القرآن الكريم وأدلة صدقه, نقدم اليوم حواراً حول الثالوث وتأليه المسيح.

 أحمد :
اتفقنا على أن نتحدث سوياً اليوم عن الثالوث وعن تأليهكم للمسيح عليه السلام, فبعضكم يقول إن المسيح هو الله, بينما يقول البعض الاخر أنه ابن الله.
مينا : فليكن حوارنا عما يتفق عليه المسيحيون بشكل عام حتى لا نتطرق لنقاط الخلاف بين الفرق, فنحن نؤمن أن الله له ثلاثة أقانيم, فالله له ذات ونطلق عليه الآب وله كلمة نطلق عليها الابن وله حياة أو روح نطلق عليها الروح القدس, وكل أقنوم من الأقانيم هو شخصية قائمة بذاتها ولكن الأقانيم تتحد في الجوهر,فالأقانيم هي مثل الصفات الخاصة بذات واحدة أو جوهر واحد, والابن وهو الأقنوم الثاني تجسد أي اتخذ جسداً بشرياً ونزل إلى الأرض ليموت على الصليب ليرفع عنا خطيئة أكل آدم من الشجرة المحرمة.
أحمد : حديثك به العديد من المغالطات أرد عليه بالترتيب التالي:
أولاً : القول ان الله تعالى له ثلاثة أقانيم وأن الأقانيم تشبه الصفات قول غير معقول للأسباب التالية:
أ – بالرغم من أن الثالوث يشكل ركناً أساسياً من أركان النصرانية إلا أنه لا يوجد بالعهد القديم أو بالعهد الجديد لفظ ثالوث أو أقنوم أو أقانيم أو واحد في ثالوث, لذلك الثالوث عقيدة لا تعتمد على نصوص صريحة.
ب - شرح الثالوث باستخدام الأمثلة لا يستقيم بدون نص إلهي, فالأمثلة ت
كون لشرح النص ولا تكون لشرح وتوضيح ما لا يوجد عليه أي دليل كتابي.
ج - جاء بالعهد القديم نصوص واضحة عن وحدانية الله تعالى تبين
أنه يوجد إله واحد, ولم يأت أي نص ليشير أن كل من الآب والابن والروح القدس إله كامل ولكنهم معا إله واحد كامل كما في قوانين الإيمان النصراني التي وضعت في القرن الرابع الميلادي. (سفر التثنية 6 : 4 " إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: اَلرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ ".).
والمسيح عليه السلام
حسب العهد الجديد قال لله وهو يناجيه: ( يوحنا 17 : 3 وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ).
فم يقل أن يعرفوا الأقانيم ولا يعرفوا الثالوث.
هذا بالإضافة إلى أن الآباء وكبار رجال الكنيسة لم يفهموا الثالوث, والدليل ماقاله مؤلف كتاب شمس البر بعد أن استعرض أقوال الآباء في الثالوث قال:" إن سر التثليث عقيدة كتابية لا تفهم بدون الكتاب المقدس, وأنه من الضروري أن لا يفهمها البشر, لأننا لو قدرنا أن نفهم الله لأصبحنا في مصاف الآلهة."([1]).
نقول لن نؤمن بما لا نفهمه إلا
بعد وجود نص صريح عليه, فإن لم نفهم كيف تصعد الملائكة إلى السماء, نتوقف عند النص الواضح الذي نعلم صدق مصدره, ولكن من غير المعقول أن نؤمن بما لا نفهمه ولا نجد عليه أي دليل كتابي في نفس الوقت !.
ثانياً : فيما يخص تأليهكم للمسيح عليه السلام, فقد اعترف كبير الكنيسة الأرثوذكسية بأن المسيح لم يقل أنا الله أو أنا ربكم, فوضع في كتاب: سنوات مع أسئلة الناس– جزء أ- ص 46- الفقرة التالية: " «سؤال: كيف نصدق لاهوت المسيح، بينما هو نفسه لم يقل عن نفسه إنه إله، ولا قال للناس: اعبدونى؟ جواب: لو قال عن نفسه إنه إله، لرجموه. ولو قال للناس «اعبدونى» لرجموه أيضًا، وانتهت رسالته قبل أن تبدأ»" .
فهو يقول لو كان قال لهم أنا الله لكانوا قتلوه , أي لم يقل المسيح لهم أنا الله .
وكذلك ذكر أستاذ اللاهوت الدفاعي شيئاً مماثلاً في كتابه «هل قال المسيح: إني أنا ربكم فاعبدوني؟» فقال: "وللإجابة على هذا السؤال نقول:  لو كان المسيح قد أعلن ذلك صراحة فهل كان سيصدقه اليهود؟ .ا هـ.
بذلك نعلم أن المسيح عليه السلام لم يقل أنا إله , أو أنا الله , ولم يقل ثالوث, أو أقانيم, وأن هذه اعتقادات لا أصل لها في تعليم المسيح عليه السلام.
مينا : ردي عليك في عدة نقاط :
أولاً : الثالوث له أمثلة لشرحه مثل مثال الشمس التي لها جسم وحرارة وضوء فهي واحد في ثلاثة, ومثال الإنسان الذي له روح وله كلمة وله ذات فهو واحد في ثلاثة فكذلك الله له ذات وروح وكلمة فهو واحد في ثلاثة.
ثانياً : المسيح لم يقل أنا الله, بل قال أقوال مجازية ممكن أن يفهم منها أنه هو الله, مثل: أنا والآب واحد, من رءاني رأى الآب, أنا الأول والآخر, قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن.
ثالثاً : صورة الله عندنا مختلفة عن صورتها عندكم, فالله عندنا محبه فهو ينزل ويتجسد ليموت على الصليب من أجل خطيئة آدم, فهو ليس كما تعتقدون أنه جبار ومتكبر, فالله يفعل كل شيء من أجل محبتنا.
أحمد :  أولاً : الأمثلة المتعلقة بالثالوث :
أ- تقول أن الشمس لها جسم ولها حرارة ولها ضوء, وردي أن الحرارة والضوء من خصائص النجم, فالحرارة ليست هي الشمس والضوء ليس هو الشمس بل هو خاصية منها. كذلك صوت القطار ليس هو القطار, ووزن السيارة ليس هو السيارة, وضوء المصباح ليس هو المصباح, بل هو خاصية له تابعة له, ولا يمكن أن نقول أن وزن القطار مساوٍِِِِِ للقطار أو وزن القطار ذهب إلى الأسكندرية وترك القطار في القاهرة.
ب- تقول إن الإنسان له ذات وحياة التي هي الروح وله كلمة, فتقول إن الإنسان ثلاثة في واحد, أقول إن الإنسان الذي هو جسد وروح لا يمكن أن نعتبره ثلاثة في واحد لانه لا يمكن أن يرسل الإنسان كلمته أو يكلم كلمته أو أن تكون روحه في مكان وكلمته في مكان وذاته في مكان ويتحدثون معاً كما جاء عن المسيح والروح والآب في كتابكم.
ج- تقول أن الله تعالى له ذات وله كلمة وله حياة التي هي الروح, أقول لك إن الله تعالى له أيضاً رحمة وحكمة وقوة, فلماذا لا تكون أقانيم أيضاً حسب مقياسك ؟, بالإضافة إلى أنه إن ألقينا نظرة على موقف معمودية المسيح عليه السلام من كتابكم: (متى 3 : 16 فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ فَرَأَى رُوحَ اللَّهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِياً عَلَيْهِ 17وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ».)
, فإننا سنجد أن: الابن كان خارجاً من الماء والروح كان في حمامة والآب كان في السماء, ثم تقولون إن الثلاثة هم واحد.
فا
لنص يشير إلى وجود ثلاثة كيانات أو ذوات مختلفة ومنفصلة عن بعضها, كل واحد منهم في مكان يؤدي عملاً مختلفاً, ولو كان كل منهم إلهاً لكان هذا تصريحاً واضحاً بعبادة ثلاثة آلهة. فكيف تفسرون الموقف على أن هناك ثلاثة في واحد أو ثالوث؟.
وإن كان الروح القدس هو روح الله كما تقولون فهل كان الله بدون روح ؟ , وإن كان الكلمة المتجسدة في المسيح هي كلمة الله فهل كان الله بدون كلمة ؟.
ثانياً : تقول إن المسيح عليه السلام لم يقل أنا الله بل قال أقوال مجازية لها نفس المعني سأناقش هذه الأقوال بافتراض أنها قيلت من المسيح عليه السلام, وردي سيكون من عدة أوجه كما يلي :
الوجه الأول :عندما نقرأ أقوال المسيح في العهد الجديد سنجد أن هناك عشرات الأقوال الواضحة التي يقول فيها أنه إنسان, وأن هناك من أرسله, وأنه لا يفعل إلا مشيئة من في السماء , وإنه ذاهب إلى إلهه, وهذه الأقوال لو وضعناها أمام أي أقوال مجازية أو غير واضحة تستندون إليها لمحاولة إثبات إلوهيته فستسقط استدلالاتكم, فقد قال المسيح عليه السلام :
1- ( يوحنا 8 : 40 وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. ). .إنسان قال لكم ما سمعه ن الله .
2- ( يوحنا 20 : 17 ....: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ».) فلم يقل ناسوتي ولاهوتي وثالوث وأقانيم , ومن هو إلهه ؟.
3- ( يوحنا 17 : 3  وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.) .لم يقل يعرفوا الثالوث وأقانيمه والشمس والحرارة.
4- ( لوقا 4 : 43 فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ».) فبين أنه رسول وأن رسالته الدعوة وليست الموت على الصليب.
الوجه الثاني : وهو الرد على الأقوال المجازية التي تستدلون بها على ألوهيته والمخالفة لأقواله الصريحة التي تنفي ألوهيته كما يلي :
1 – قول المسيح عليه السلام:
(يوحنا10: 30 أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ», الرد كما يلي :
التعبير «أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ». «يعني الوحدة في الهدف وسبق أن أطلقه المسيح على الحواريين فقال: (يوحنا 17: 21 لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. 22 وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. 23 أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي..). .
فالوحدة لا تتعدى وحدة في الهدف, وإلا كان جميع الحواريين مع المسيح مع الله أقانيم.
2- قول المسيح عليه السلام (يوحنا 14: 9 اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ).الرد كما يلي: أمام إصرار أحد الحواريين على رؤية الآب (الآب حسب العهد الجديد هو الذي أرسل المسيح) والمسيح يعلم أن الله لا يراه أحد كما جاء في: (خروج 33: 20- أمَّا وجهي فلا تقدِرُ أنْ تراهُ، لأنَّ الذي يراني لا يعيشُ). وفي: (يوحنا 1: 18 الله لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ).
فجاء رد المسيح ردًا مجازيًا مثل أقواله المجازية التالية: (لوقا 10: 16 اَلَّذِي يَسْمَعُ مِنْكُمْ يَسْمَعُ مِنِّي وَالَّذِي يُرْذِلُكُمْ يُرْذِلُنِي وَالَّذِي يُرْذِلُنِي يُرْذِلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي). و (يوحنا 13: 20. .. الَّذِي يَقْبَلُ مَنْ أُرْسِلُهُ يَقْبَلُنِي وَالَّذِي يَقْبَلُنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي). و (يوحنا 12: 44 فَنَادَى يَسُوعُ: «الَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي.45 وَالَّذِي يَرَانِي يَرَى الَّذِي أَرْسَلَنِي).
فالأقوال كلها لا تحتمل الوحدة ويكفي قوله الذي يكرره دائماً :( الذي أرسلني ) .
ومن جهة آخرى فالرؤية تأتي بمعنى الإيمان, مثل «رأيت الحق», كما جاء في (3 يوحنا 1: 11 لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ الْخَيْرَ هُوَ مِنَ اللهِ، وَمَنْ يَصْنَعُ الشَّرَّ فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ) والمقصود بتعبير «فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ» المجاز وليس الحقيقة لأن المؤمنين لم يبصروا الله على الحقيقة.
3 – قول المسيح في رؤيا يوحنا: (رؤيا 22: 13 أنا الألف والياء.البداية والنهاية.الأول والآخر) , والرد كما يلي : سفر الرؤيا هو رؤيا رءاها يوحنا في جزيرة في حوالي 100 ميلادية, وخلال الرؤيا وصف أشياء غريبة منها حيوانات لها سبعة رؤوس،وقال إنه رأى خروفًا بجوار العرش وإن الخروف هو رب الأرباب وملك الملوك المستحق للعبادة. (رؤيا 17: 14 هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك..)., فمن يقتنع أن المسيح عليه السلام لم يعلن أنه إله, ثم جاء في الرؤيا ليوحنا المجهول بعد 70 عامًا, ليخبره أنه هو الإله, فليقتنع ولا يلومن إلا نفسه !!.
4- قول المسيح عليه السلام : : قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ».
 (يوحنا 8: 56 أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ تَهَلَّلَ بِأَنْ يَرَى يَوْمِي فَرَأَى وَفَرِحَ». 57 فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: «لَيْسَ لَكَ خَمْسُونَ سَنَةً بَعْدُ أَفَرَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ؟» 58 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ»)
الرد من عدة أوجه:
أ -  تكلم العهد الجديد عن «ملكي صادق([2])» بأنه ليس له نهاية ولا بداية وبدون أب وبدون أم: (عبرانيين 7: 1 لأَنَّ مَلْكِي صَادِقَ هَذَا، مَلِكَ سَالِيمَ، كَاهِنَ اللهِ الْعَلِيِّ،.. 3 بِلاَ أَبٍ بِلاَ أُمٍّ بِلاَ نَسَبٍ. لاَ بَدَاءَةَ أَيَّامٍ لَهُ وَلاَ نِهَايَةَ حَيَاةٍ. بَلْ هُوَ مُشَبَّهٌ بِابْنِ اللهِ.) لذلك حسب النص السابق فهو أحق بالألوهية!.
ب - قال بولس عن نفسه وعن آخرين (أفسس 1: 4 كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين). وعلى نفس القياس فبولس من قبل بداية العالم !.
ج - المقصود بالعبارة السابقة إن صحت, أن الله أخبر إبراهيم بمن يأتون من نسله من أنبياء ومنهم المسيح, فالكل موجود منذ الأزل في علم الله كما جاء ( إرمياء 1: 5 قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلشُّعُوبِ.).
د - أقوال المسيح الصريحة : أنا إنسان كلمكم بالحق الذي سمعه من الله, وأنا ذاهب إلى إلهي وإلهكم, أقوى من أي ألفاظ مجازية كما أشرنا.
ثالثاً : فيما يخص التجسد الإلهي, فنحن لا نقول أن الله تعالى لا يستطيع فعل أمر ما, بل نقول لا يليق بالله تعالى الموصوف بالكمال أن يتجسد في صورة بشر ليضربوه ويلطموه من أجل أن يغفر أكل التفاحة, أنت لن تتصور أن يكون الإله جل وعلا متجسداً في حيوان أو حشرة, فلماذا تقبل تجسده في الإنسان وتبرر ذلك في حين أنك لا تملك حتى نصوصاً واضحة حول هذا الأمر ولا تملك كتاباً له مصداقية, بل كتاباً لا يعلم من من كتب أغلب أسفاره, وضاعت أصوله أو مخطوطاته الأصلية وبقيت مخطوطات متناقضة لا يعلم من نسخها .(كما تحدثنا في الحوار الأول ).
وبالنسبة لقولك إن الله محبة في المسيحية وجبار في الإسلام حسب الآية:
} هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ { [الحشر:23]. فالرد من عدة أوجه:
أولًا: في التفسير الميسر للآية السابقة :
الملك : الملك لجميع الأشياء, المتصرف فيها بلا ممانعة ولا مدافعة, القدوس : المنزَّه عن كل نقص, السلام : الذي سلِم من كل عيب, المؤمن : المصدِّق رسله وأنبياءه بما ترسلهم به من الآيات البينات, المهيمن : الرقيب على كل خلقه في أعمالهم, العزيز : العزيز الذي لا يغالَب, الجبار الذي قهر جميع العباد, وأذعن له سائر الخلق, ( أم تفضل أن يكون هناك من يجبر الله تعالى على أمر لا يريده الله تعالى !؟).
المتكبر : المتكبِّر الذي له الكبرياء والعظمة. وفي تفسير ابن كثير: (الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) أي الذي لا تليق الجبرية إلا له ولا التكبر إلا لعظمته.
فالله تعالى: } لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ {  ومن أسمائه تعالى: « والرحيم، والرءوف، والودود».
قال تعالى:  } وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ { [هود:90].
في التفسير الميسر: واطلبوا من ربِّكم المغفرة لذنوبكم، ثم ارجعوا إلى طاعته واستمروا عليها. إن ربِّي رحيمٌ كثيرالمودة والمحبة لمن تاب إليه وأناب يرحمه ويقبل توبته.
ثانيًا: نفس الصفات بكتابك وللأسف لم يقرأها غالبيتكم:
1- (نحميا 9: 32):«والآن يا إلهنا الإله العظيم الجبار المخوف ..».
2- (المزامير 24: 8): «.... الرَّبُّ الْقَدِيرُ الْجَبَّارُ الرَّبُّ الْجَبَّارُ فِي الْقِتَالِ!».
3-  (المزامير47: 9) «...لأن لله مجان الأرض هو متعال جدًا».
ثالثاً : ما معنى أن الله محبة ؟ وكيف عرفتم ذلك ؟:
تقولون: الله (خلقنا لأنه يحبنا) و(الله محبة)، وهذا القول يتناقض مع العقل ومع النصوص للأسباب الآتية:
-الإنسان يمرض ويبكي ويتألم، فالدنيا دار اختبار من أجل الآخرة وليست جنة خُلقت من أجل محبة الله تعالى لنا.
- في العهد القديم أمر الله اليهود بقتل الكثير من الناس، فهل الله الذي هو محبة في فكركم، يأمر شعبه الذي خلقه من أجل المحبة لقتل شعوب آخرى خلقهم من أجل المحبة ؟.
- قُتل بالطوفان أو في الحروب الملايين، فأين هي المحبة وأن الله تعالى خلقنا لأنه يحبنا ؟
- لا يوجد التعبير (الله محبة) في كتابكم على لسان أي من الأنبياء, فهل يكون فعلا الله محبة، ويخبئ الله هذا الأمر حتى يأتي يوحنا وبولس في رسائلهم ويقولون الله محبة وأحبوا بعضكم، فيما غفل المسيح وجميع أنبياء العهد القديم عن هذا ؟
- هل الله تعالى يحب من ألقى القنبلة الذرية فقتل 200 ألف مدني أغلبهم نساء وأطفال في عدة ثوان ؟, أو يحب من يكفر به وينشر الفساد في الأرض ؟
رابعاً : الصحيح هو أن الله تعالى أنه يحب من يستحق حبه تعالى ولا يحب الظالمين والكافرين والمعتدين, فهذا هو المنطقي والذي له دلائل نصية من القرآن الكريم :
- الله يحب المحسنين : } وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ الله وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ { [البقرة: 195[.
- الله يحب المتقين : } بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ الله يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ { ]آل عمران: 76[.
- الله لا يحب المعتدين : } وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ الله لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِين { [البقرة:190[
- الله لا يحب الكافرين: } قُلْ أَطِيعُواْ الله وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ {
]آل عمران:32[.
- الله لا يحب الظالمين:  
} وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَالله لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ { [آل عمران:57[.
لذلك فالقول:إن الله محبة والقول إن الله خلقنا لأنه يحبنا, والقول بالمساواة بين الناس, قول لم يأت به أي رسول من قبل ولم يقله المسيح عليه السلام في كتابكم.
مينا : لا تنس معجزات المسيح , فهو قد أحيا الموتى
أحمد : المسيح عليه السلام قام بإحياء الموتى بإذن الله تعالى, وحسب كتابك فإن هناك من سبقوه من الأنبياء في إحياء الموتى مثل أليشع في النص التالي: (الملوك الثاني 4: 32 وَدَخَلَ أَلِيشَعُ الْبَيْتَ وَإِذَا بِالصَّبِيِّ مَيِّتٌ وَمُضْطَجِعٌ عَلَى سَرِيرِهِ...35 ثُمَ قامَ وتمَشَّى في الغُرفَةِ، ذهابًا وإيابًا، وصَعِدَ السَّريرَ وتمَدَّدَ على الصَّبيِّ فعَطَسَ الصَّبيُّ سَبعَ مرَّاتٍ وفتَحَ عينَيهِ). ومثله إيليا في موضع آخر, يضاف إلى هذا أن المسيح بعد معجزة إحياء الموتى لم ينسب الأمر لنفسه بل توجه على الله تعالى بالدعاء والشكر فقال: ( يوحنا 11 : 41-42 وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي , وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».).
فهو يشكر الله تعالى أنه أيده بالمعجزات حتى يصدقوا أنه رسول من الله تعالى.
مينا: المسيح حسب العهد الجديد قالوا عنه الرب وقالوا عنه ابن الله.
أحمد : الرب هي مترجمة من كلمة تعني السيد, وبالعربية تعني أيضاً السيد وتطلق على الرجل فهو رب البيت وعلى المرأة فهي ربة المنزل.
وتعبير ابن الله حسب العهد الجديد يعني الأنبياء او الصالحين كما في النصوص التالية:
-  (متى 5: 45 فتكونوا أبناءَ أبيكُمُ الّذي في السَّماواتِ).
- (متى 5: 48 فكونوا أنتُم كاملينَ، كما أنَّ أباكُمُ السَّماويَّ كامِلٌ).
- (رسالة يوحنا الأولى 3: 1-2 انظُروا كم أحَبَّنا الآبُ حتّى نُدعى أبناءَ اللهِ، ونحنُ بِالحقيقَةِ أبناؤُهُ. إذا كانَ العالَمُ لا يَعرِفُنا، فلأنَّهُ لا يَعرِفُ اللهَ. يا أحبّائي، نَحنُ الآنَ أبناءُ اللهِ).
مينا : ولكن التشريع المسيحي فيما يخص كثير من الأمور يبين جمال المسيحية, وكمثال موضوع المرأة وكيف ظلمها  الإسلام ؟
أحمد : أولاً قبل أن نناقش التشريع ونحكم عليه بالعقل, علينا أن ندرس مصداقيته فلو الحكم من عند الله تعالى علينا قبوله, ومع ذلك أنا مستعد أن يكون لقاؤنا القادم حول مناقشة موضوع : المرأة بين الإسلام والنصرانية والمجتمعات العلمانية.
مينا : اتفقنا .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق