الجمعة، 4 ديسمبر 2015

1- اﻟﻤﺠامع المسكونية ونشأة الكنائس و العقائد النصرانية



1- اﻟﻤﺠامع المسكونية ونشأة الكنائس و العقائد النصرانية
كانت النصرانية بين شقي الرحى ، بين اضطهاد اليهود واضطهاد الوثنية الرومانية وفي سنة ٣٢٥ م كانت القسطنطينية قاعدة الدولة الرومانية الشرقية ولما كان أغلب رعايا الإمبراطور قسطنطين من المسيحيين ، وكان أغلب الوثنيين في حوزة روما في الغرب ، فلكي يقوي مركزه فإنه قرب المسيحيين إليه ، ولكن لما كانوا هم أنفسهم مختلفين حول المسيح فقد دعاهم إلى عقد مجمع لحسم هذه الخلافات العقائدية التي كان لها أثرها على إشاعة عدم الاستقرار في إمبراطوريته .
لذلك عقد مجمع نيقية سنة ٣٢٥ م :
 وقد حضره ٢٠٤٨ أسقًفا من جميع أنحاء العالم وذلك لتحديد من هو المسيح . وقول كتاب " تاريخ الكنيسة " لمؤلفه هيستنج إن المجتمعين تناظروا معًا وكان بينهم آريوس واحد من العلماء ، وقد قال إن المسيح - عليه السلام - رسول الله ونبي الله هو إنسان وعبد من عباد الله . وقد تبع آريوس 1731 من الأساقفة المجتمعين . ولكن اثناسيوس الذي كان أصًلا شماسًا بكنيسة الإسكندرية انتهز هذه الفرصة فأراد أن يتقرب إلى قسطنطين الوثني وأعلن أن المسيح هو الإله المتجسد . لقد اتبع اثناسيوس ٣١٧ عضوا فقط من أعضاء المجمع . وبعد أن استعرض قسطنطين الآراء ، وكان لا يزال على وثنيته فإنه مال  إلى رأي اثناسيوس لما فيه من عقيدة وثنية تؤمن بتجسيد الآلهة ونزولها من السماء ، فأقر مقالة اثناسيوس وطرد الأساقفة الموحدين وعلى رأسهم آريوس . وأخطر من هذا أنه قضى بحبس الكتاب المقدس فلا يسمح بتداوله بين الناس وأن يقتصر تعليم الدين على ما يقوم القساوسة بتلقينه للناس . ومن عجب أن استمرت هذه البدعة الخطيرة سائدة في النصرانية ولم يخرج الكتاب المقدس من حبسه إلا في عام ١٥١٦ م ، على أيام لوثريوس . ذلك ما كان من أمر مجمع نيقية الذي كانت أخطر قراراته هي تأليه المسيح .
مجمع القسطنطينية سنة ٣٨١ م:
قال مقدونيوس إن الروح القدس ليس بإله بل إنه رسول من رسل الله . وقد شاع هذا بين المسيحيين في أنحاء الإمبراطورية الرومانية فلم يجدوا فيها بدعة ولا منكرًا . إلا أن الحاقدين أوعزوا إلى الملك أن يأمر بعقد مجمع ، فعقد مجمع القسطنطينية سنة ٣٨١ م ، وقد حضره ١٥٠ أسقفاً ، علمًا بأن مجمع نيقية الذي عقد سنة ٣٢٥ م قد حضره ٢٠٤٨ أسقفاً . لقد كان عدد الحاضرين في مجمع القسطنطينية صغيرًا جدًا إذا قورن بمجمع نيقية . وقد كانت حصيلة هذا المجمع الصغير أن الروح القدس هو إله من جوهر الله .
مجمع أفسس:
لقد كان أسقًفا يدعى نسطور كان بطريك القسطنطينية وقد قال : إن السيدة مريم العذراء إنما هي أم الإنسان يسوع المسيح وحاشا لها أن تكون أم الإله . وإن المسيح ذاته لم يكن إلهاً وإنما كان إنسانًا ملهمًا من الله . لقد انتشرت هذه العقيدة مما أدى إلى عقد مجمع في مدينة أفسس حضره مائتان من الأساقفة . وقرروا أنها والدة الإله.
مجمع خلقيدونية عام ٤٥١ م  , و نشأة الكنيسة المصرية الأرثوذكسية :
لقد نادى الأسقف دسقورس بطريك الإسكندرية أن المسيح ذو طبيعة واحدة حيث يتلاقى في ذاته الناسوت باللاهوت فهو من جوهر الله بل هو الله المتأنس . لقد شاعت هذه العقيدة مما أدى إلى عقد مجمع خلقيدونية عام ٤٥١ م . ولقد قرر المجمع أن المسيح ذو بطيعتين هما طبيعة اللاهوت وطبيعة الناسوت التقتا في ذاته . ولقد كفر المجمع دسقورس وقرر نفيه عن الإسكندرية إلا أن المصريين لم يرضوا بغيره بديًلا ، الأمر الذي دفعهم إلى الانسلاخ من الكنيسة منشئين الكنيسة المصرية الأرثوذكسية . ولعل عوامل سياسية ساعدت على هذا الانفصال . ولقد استند ديسقورس إلى ما قاله (بولس في رسالته الأولى إلى تيموثاوس 16:3( عظيم هو سر التقوى ، الله ظهر في الجسد.) لقد كانت رسائل بولس عبارة عن مواعظ يبثها بطريقته الخاصة ويجمعها أشتاتًا من هنا ومن هناك
مجمع القسطنطينية الذي عقد عام ٦80م , ونشأة الكنيسة المارونية :
كان سبب عقده ما نادى به الأسقف يوحنا مارون في عام ٦٦٧ م ، بدعوى جديدة مضمونها أن المسيح ذو طبيعتين : طبيعة اللاهوت وطبيعة الناسوت في شخصه ولكنه ذو مشيئة واحدة هي مشيئة الله . ولم ترق هذه الدعوى في نظر البطاركة لذلك عقدوا مجمع القسطنطينية في عام ٦٨٠ م ، وقد حضره ٢٨٩ أسقًفا وقرروا أن المسيح ذو طبيعتين وذو مشيئتين إلا أن أهل الشام رفضوا قرارات هذا المجمع وتمسكوا بأسقفهم ثم انسلخوا عن الكنيسة الأم.
ما أريد أن أقوله إن كل هذا تضليل تعاقب خلال المجامع ، وكل مجمع يلغي قرارات سابقه ويصدر قرارات جديدة . وكل مجمع يدعي أن قراراته صدرت بإيحاء الروح القدس .
مجمع نيس الذي عقد سنة ٧٨٧ م ، وتقديس الصور :
وحضره ٣٧٧ أسقفا قرروا فيه تقديس صور السيد المسيح وأمه العذراء مريم وكذلك صور القديسين . وهذا القرار يتنافى مع الشريعة الموسوية التي تقول في الوصايا العشر في (سفر الخروج 4:20-5 ) لا تصنع لك تمثالا منحوتًا ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض . لا تسجد لهن ولا تعبدهن " .
مجمع القسطنطينية عام ٨٧٩ م ، نشأة كنيسة الروم الأرثوذكس:
الذي قرر أن الروح القدس انبثق من الله الآب ورفض قرارات مجمع القسطنطينية الذي سبق عقده عام ٨٦٩ م ، والذي تقرر فيه أن الروح القدس منبثق من الآب والابن . وقد أعقب ذلك أن انسلخت كنيسة القسطنطينية عن الكنيسة الأم وأطلقت الكنيسة اليونانية على نفسها كنيسة الروم الأرثوذكس ، وهي لا تعترف لبابا روما بالسيادة.
مجمع الأساقفة الذي تقرر فيه أن بابا روما يملك حق الغفران:
ثم جاء وقت أفرط فيه رجال الكنيسة في منح الغفران إفراطاً شديدًا حتى أنشئوا لها صكوكاً عرفت باسم " صكوك الغفران " التي جاء فيها ما نصه : " أنا بالسلطان الرسولي المعطى لي أحلك من جميع القصاصات ومن جميع الإفراط والخفايا والذنوب التي ارتكبتها مهما كانت عظيمة وفظيعة ومن كل علة ، وأردك ثانية إلى الطهارة والبر سنين طويلة تبقى معموديتك ، وإذا امتد عمرك بعد ذلك سنين طويلة تبقى هذه النعمة غير متغيرة حتى تأتي ساعتك الأخيرة  .لقد كان صك الغفران هذا يشترى بالثمن ولهذا كان للبابا ورجاله سلطة مغفرة خطايا البشر .
مجمع ورمز عام ١٥٢١ م ،وظهور مارتن لوثر كنج,ونشأة الكنيسة البروتستانتية :
ظهر لوثر وندد بصكوك الغفران ، وأنه لا عصمة للبابوية ، وأن كلام البابا غير مقدس ، وفضح الفساد الذي استشرى في الأديرة ، وقال إن الله واحد أحد . فعقد هذا المجمع الذي حضره البابا وأمر بحرقه ، فاختطفه الشباب الألماني في اللحظات الأخيرة وقرروا الانسلاخ عن الكنيسة البابوية منشئين لأنفسهم كنيسة البروتستانت. وقد حدثت حروب فظيعة بين الكاثوليك والبروتستانت ولم ينقذ الأخيرين إلا اكتشاف أمريكا وهجرتهم إليها . لقد خالف البابوات أمر المسيح - عليه السلام - الذي حينما اختار تلاميذه ، فإنه قال لهم : " لا تقتنوا ذهبًا ولا فضة ولا نحاسًا في مناطقكم . ولا مزودًا للطريق ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصا لأن الفاعل مستحق طعامه " . لكن البابوية دولة غنية مترفة تعيش في الذهب والمال وهو الأمر الذي لا يتفق وتعاليم السيد المسيح  عليه السلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق